كلمة الأمين العام لحزب الله سماحة السيد حسن نصر الله في احتفال الذكرى السنوية الثانية للشهيد القائد السيد مصطفى بدر الدين 14-5-2018
اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا ونبينا خاتم النبيين أبي القاسم محمد بن عبد الله وعلى اله الطيبين الطاهرين، وعلى صحبه الأخيار المنتجبين وعلى جميع الانبياء والمرسلين.
إلى روح شهيدنا القائد الأخ العزيز مصطفى بدر الدين وإلى أرواح جميع شهداء المقاومة نهدي ثواب السورة المباركة الفاتحة.
السادة العلماء، السادة النواب، الإخوة والأخوات السلام عليكم جميعاً ورحمة الله وبركاته.
أرحب بكم جميعاً في بداية الكلمة، في هذا الإحياء المبارك في الذكرى السنوية الثانية لاستشهاد القائد الجهادي الكبير السيد مصطفى بدر الدين الاخ السيد ذولفقار رحمه الله. إنني في البداية أتوجه إلى عائلته الشريفة فرداً فرداً أجدد التعزية بفقد العزيز والحبيب وأبارك بالشهادة بالوسام الرفيع.
اولاً كلمة في المناسبة، وبعدها أدخل الى بعض عناوين تطورات المنطقة، لأنه لدينا تطورات مهمة جداً، وأختم بكلمة حول الوضع اللبناني.
في البداية عندما نتحدث عن هؤلاء القادة وهؤلاء الشهداء لأنهم كانوا يعيشون ظروفاً خاصة، طبيعة المسؤولية وطبيعة التحدي كانت تفرض عليهم أن تُخفى أسماؤهم ووجوههم، وأن يكونوا من جنود الله المجهولين في الأرض المعروفين في السماء. هكذا هم الكثير من إخواننا في هذه المسيرة، وخصوصاً أولئك الذين يتحملون مسؤوليات جهادية محددة في المجال الامني والمجال العسكري لذلك في حياتهم نقول السيد ذولفقار ونقول الحاج رضوان، نقول الحاج علاء... ، بعد شهادتهم أن أحب أن أتحدث بأسمائهم الحقيقية ليحفظ الناس أسمائهم الحقيقية، كما نعرض وجوههم وصورهم لتبقى قوية في ذاكرة الناس ووجدان الشعوب حتى يصبحوا معروفين في الأرض كما هم معروفون في السماء، لذلك عندما أتحدث وأقول السيد مصطفى وأفضل أن أستخدم هذا الإسم على الإسم الآخر، من هذه الحيثية، حيثية لها صلة بالتوجه النفسي والوجداني والثقافي.
منذ البدايات أيضاً عندما ذهب السيد مصطفى إلى سوريا، ذهب معه عدد كبير من القادة والكوادر الأساسيين. من واجبي الأخلاقي أيضاً اليوم أن أذكر أحد هؤلاء لأنه اليوم بالتحديد هي الذكرى السنوية لهذا الشهيد من جملة القادة الشهداء الذين التحقو بالجبهة في سوريا منذ الأيام الأولى مع الشهيد القائد السيد بدر الدين كان الشهيد علي محمد بيز الأخ أبو حسن وهو من قدامى المجاهدين والكوادر المضحين والذي بقي منذ اليوم الأول إلى الشهادة وعاد شهيداً من سوريا إلى بلدة مشغرة، وقبل يومين استشهد أحد أفراد عائلته الشهيد محمد عدنان بيز، لهذه العائلة في الذكرى السنوية وبشهيدها الجديد أيضاً لهم منّا كل التعزية ومشاعر المواساة والتبريك على هذه التضحيات وهذا الوفاء وهذا الحضور.
نعود الى شهيدنا القائد السيد مصطفى بدر الدين الذي كان من أوائل المؤمنين في لبنان الذين أسسوا للعمل الجهادي في الحالة الاسلامية.
في بدايات العمل الجهادي أسسّه في الميدان والفعل عدد من الأخوة، بعضهم استشهد وبعضهم ما زال على قيد الحياة. عادة نحن لا نذكر أسماء هؤلاء إلا بعد استشهادهم. الذين ما زالوا على قيد الحياة ظروفهم الأمنية وظروف تحمّلهم الدائم للمسؤولية يفترض أن تبقى أسماؤهم مخفية، وأن تبقى وجوههم مخفية. هذا يزيدهم أجراً وثواباً.
في مسيرتنا هناك العديد من الإخوة المعروفين، أنا وآخرين نخطب ونرى الناس، النواب، الوزراء، المشايخ والعلماء، وفي العمل التنظيمي، ولكن الذين يعملون بشكل خاص في المجال الأمني والعسكري الأصل في أن تبقى أسماؤهم مخفية، وأن تبقى وجوههم، يعني صورهم أن تبقى مخفية، وهذا من لوازم هذا الالتزام. وفي يوم من الأيام يجب أن تسجل أسماء هؤلاء بالذهب، من قضى منهم شهيداً أو من بقي منهم على قيد الحياة. السيد مضطفى كان من هؤلاء الأوائل، من زهرة الشباب، وقضوا عمرهم في هذا الطريق وهذه الساحة وفي هذا الميدان وأبدعوا فيه. أنا اليوم أريد أن أضيئ على نقطتين:
إضاءة في البعد الشخصي وإضاءة في البعد العملي:
في البعد الشخصي، عندما نتكلم عن المسؤولين العسكريين والذين يقضون حياتهم في العسكر والقتال والجبهة وإطلاق النار والقصف والمدافع والدماء والشهداء والجرحى، عموماً الانطباع الشعبي العام عن الشخصيات العسكرية أنها تصبح شخصية قاسية ويتصورون أن هذا هو المظهر الطبيعي للشخصية العسكرية. من الممكن بعض الضباط في بعض الجيوش وبعض الجنرالات يعطون هذا الانطباع، حتى بعد خروجهم من الخدمة العسكرية تبقى شخصياتهم قاسية وجامدة.
في القادة الجهاديين الذين ينتمون الى المسيرة الإيمانية هذه الصفة يجب أن تكون موجودة ولكن يتواجد معها صفة أخرى مناقضة لها تماماً.
الله سبحانه وتعالى حتى عندما وصف محمد (ص) والذين معه، أعطاهم صفتين حتى قبل الصلاة والصيام.. (أشداء ورحماء) في مواجهة أعداء الامة، في مواجهة مغتصبي المقدسات، في مواجهة المعتدين، المؤمن الحقيقي من كان مع محمد (ص) يجب أن يكون شديداً قاسياً في الموقف من العدو ومواجهته. أما الذي يتعاطى نفسيا قي الموقف من العدو، بخوف، بضعف، بوهن، كما هو حال المطبعين مع العدو الذين يتكلمون بلغة الرحمة والتعاطف الانساني، هؤلاء لا يمتون لمحمد (ص) بأي صلة، لأنهم ليسو أشداء. إذاً الشدة مع المحتلين والطغاة والمستبدين، مع الذين يريدون أن ينهبوا خيرات أمتنا، وأن يذلوا أمتنا، هذه الشدة يجب أن تكون حاضرة وقوية وصلبة، وهكذا كانت في السيد مصطفى هذه الشدة في شخصيته كانت هنا، لكن في المقابل رحماء، والكل يعلم السيد مصطفى عن قرب أنه سيد عطوف، وحنون، وتتلكم معه فيبكي. من الممكن أن يقول بعض الأشخاص أن هذا تناقض. إنه ليس تناقض لأن الشدة التي ترتكز على خلفية إيمانية تستطيع ان تجتمع في نفس واحدة مع الرحمة التي ترتكز على خلفية إيمانية، وكان في الكلمة الطيبة والكلمة الحنونة، وبالعاطفة تستطيع أن تأخذ منه كل شيء، ولكن بالحنية والرحمة والعطف، لكن في الوقت نفسه عندما نذهب إلى جبهة المواجهة أنت أمام ذولفقار حقيقي، أمام سيف صارم وحازم ولا يوجد أي مكان للضعف، ولا للوهن، ولا للتردد ولا للخوف.
أنتقل إلى النقطة الثانية، بالجانب العملي، بالمناسبات الماضية أنا تحدثت عن بعض المسؤوليات لكن أود التركيز على بعضها.
السيد مصطفى من البداية تحمّل مسؤوليات أساسية في المجال الجهادي، طبعاً قضى عمره كله بالمجال الجهادي بحزب الله، بالمجال الأمني والعسكري بشكل خاص، وتحمّل مسؤوليات مهمة إضافة إلى المسؤولية العسكرية المركزية في التسعينات، وكان هو قائد المعركة في مواجهة عناقيد الغضب الصهيونية عام 1996، لكن بعد ال2000 وخصوصا إلى اليوم تحمّل مسؤوليات، نحن وزعنا المسؤوليات بين الإخوة، خصوصا بعد استشهاد الشهيد القائد الحاج عماد مغنية رحمة الله عليه، بين مجموعة من الإخوة لأنه أيضا ملفاتنا كبرت وساحتنا تعددت. أنا أشرت لهذا الموضوع ربما بالماضي، لكن أنا أعيد التذكير فيه من زاوية النتيجة التي أريد أن أصل إليها وهي أن السيد تحمل مسؤولية ملفات حساسة جدا أو جبهات. دعوني أقول حساسة جداً جبهة المواجهة الأمنية مع العدو الإسرائيلي، تعرفون بعد العام 2000 خصوصاً ربما المعركة العسكرية هدأت في جنوب لبنان العسكر ذهب إلى الجهوزية والتأهيل والبناء لكن البعد الأمني دخل في مواجهة أمنية حقيقية.
في الملف الفلسطيني تحمّل مسؤولية وكانت المهمة هي دعم فصائل المقاومة الفلسطينية وتطوير إمكانياتها وقدراتها لتستطيع أن تصمد وتواجه وتستمر أيضا هذا كان من مسؤولياته.
ثالثا ساحة العراق، عادة نحن لا نتحدث كثيراً عن هذا الموضوع، لكن تكفي الإشارة إلى أنه كان لإخواننا شرف المساهمة الحقيقية في إنطلاق بعض فصائل المقاومة العراقية للإحتلال الأمريكي للعراق.
في حياة الحاج عماد رحمة الله عليه وبعد استشهاد الحاج عماد هذه المسؤولية تولاها السيد مصطفى وأكمل فيها إلى شهادته. وبالتالي سواء في مرحلة المقاومة للإحتلال الأمريكي للعراق ولاحقاً في مرحلة المواجهة مع داعش، موقع الإسناد في حزب الله لهذه الساحة كان من مسؤولية السيد مصطفى. وصولاً إلى ساحة سوريا والتي تحمّل مسؤوليتها منذ اليوم الأول إلى الشهادة إضافة إلى المسؤوليات الأخرى، المهام الأخرى، التي لن أتحدث عنها تحدثنا عنها سابقا.
النقطة التي أريد أن أصل بها للنتيجة من هذا العرض والجزء الآخر المتعلق بالسيد أنه في كل هذه الساحات التي تحمّل فيها الشهيد القائد مصطفى بدر الدين مسؤولياته خرج فيها ومنها منتصراً شامخاّ، طبعا، نحن عادة، أنا بكل اللقاءات والجلسات الداخلية والعامة نحن لا نقول أن للانتصار صاحب واحد، دائماً نقول المجموعة، الجماعة كلها، جهدها الجماعي. مثلا قبل أيام بالإنتخابات لا نستطيع أن نقول نحن نجحنا بالانتخابات بسبب فلان أو فلان أو فلان أو فلان أياً تكن مساهمته، هناك جهود جماعية، جهود تكاملت، جهود جبارة هي التي أدت إلى هذه النتيجة.
لكن بالتأكيد، وخصوصا عندما نتحدث عن العمل العسكري أو العمل الأمني، الرأس الذي يقود الرأس، الذي يتحمّل المسؤولية يكون له فضل كبير إلى جانب جهود إخوانه في إيصال العمل إلى النتيجة المطلوبة.
من الميزات الرئيسية بالعمل العسكري والعمل الأمني
السيد مصطفى بدر الدين في قيادته للمواجهة مع الشبكات الأمنية الإسرائيلية خرج منتصراً شامخاً، وشهدنا في السنوات الماضية حجم التفكيك، طبعا لاحقا، بالتعاون مع الأجهزة الأمنية الرسمية.
في ملف تحرير الأسرى والمعتقلين، في ملف المواجهة الأمنية أيضاً مع الشبكات الإرهابية التكفيرية التي كانت ترسل السيارات المفخخة إلى لبنان، لأنه هو في سورية لم يقاتل فقط بالعسكر هو عمل بجد على تفكيك هذه الشبكات، ليس أن نمنعها من الدخول إلى لبنان، وإنما أن نفككها في سوريا حتى لا تتمكن من إرسال السيارات المفخخة إلى لبنان.
وفي العراق أيضاً المساهمة في الانتصار العراقي الذي أدى إلى خروج القوات الأمريكية من العراق عام 2011 وكان العامل الأول في إضطرار الأمريكيين للخروج من العراق هو المقاومة العراقية ولاحقاً الانتصار الأخير على داعش، والمساهمة الآن بمعزل عن حجم هذه المساهمة أيضاً كانت النتيجة فيها والخاتمة هي الانتصار وصولاً إلى الجبهة التي أعطاها في السنوات الأخيرة كل عمره، وكل شبابه، وكل وقته، وكل حياته، وهي جبهة سوريا، والتي يكتشف الشعب السوري نفسه اليوم وشعوب المنطقة والعالم كله حقيقة الذي كان يجري والذي تعرضت له سوريا قبل سبع سنوات وإلى أين كانوا يريدون أن يأخذوا سوريا.
بالأمس كنت أتحدث مع بعض الإخوة الاعزاء الكرام وكنا نقول أن سوريا التي كانوا يريدون أن يأخذوها إلى المستقبل إذا أردنا أن نقدم مشهد طبيعي، هو ما يجري اليوم في منطقة ادلب، لكن كان المطلوب أن تكون سوريا مثل ادلب. كان مطلوباً أن تصبح كل سوريا كأفغانستان، قتال وحروب وجماعات متصارعة وشريعة غاب وسفك دماء ودمار وخراب وهجرة وتشريد وتشتت بلا أفق، بلا أفق هذا بالحد الأدنى.
إذا لم نتحدث عن الأبعاد السياسية الأخطر التي كنا دائما نتحدث عنها وكنا نقول تدمير سوريا البشر والحجر، الدولة والوجود، والبلد العربي الأساسي وعمود خيمة المقاومة.
السيد مصطفى كان مقتنع بقوة بهذه المعركة، بصوابية هذه المعركة، ولذلك ليس من البساطة أن يذهب إنسان ويترك كل شيئ في لبنان ويبتعد عن عائلته، ويبتعد عن مسؤولياته، وكان يستطيع أن يبقى في لبنان ويقود المعركة من هنا ويتحمل بقية المسؤوليات.
هذا الحضور الكبير للسيد مصطفى ولأمثاله ممن قضوا شهداء أو مازالوا على قيد الحياة، أحد الأسباب الحقيقية لها هو هذا اليقين والبصيرة والوضوح الشديد حول طبيعية هذه المعركة ونتائج هذه المعركة.
اليوم، أيضاً الناتج هو نفسه الانتصار. دماؤه الزكية أعطت دفعاً قوياً لكل إخواننا في المزيد من الحضور في الجبهات هناك، وأعطت المساهمة الكبيرة جداً في انتصارات حلب، الإنتصار الكبير الذي غيّر معادلة كبرى في المعركة وصولاً إلى دير الزرور، إلى معركة البادية، إلى البوكمال، واليوم والجيش العربي السوري يخوض آخر معاركه في مخيم اليرموك وحي القدم أو الحجر الأسود، وهو يقترب من تأمين العاصمة بشكل كامل وتطهير كامل دمشق وريف دمشق من وجود هذه الجماعات التي أنفق عليها مئات ملايين الدولارات لتهديد العاصمة ولإسقاط الدولة والحكومة، ونحن نقترب من هذا الانتصار الكبير والحاسم نستعيد ذكرى شهدائنا، وخصوصاً القادة، وخصوصاً السيد مصطفى بدر الدين الذي كان يقول لن أعود من سوريا إلا شهيداً أو حاملاً لواء النصر. أنا قلت سابقا واليوم أعود وأكرر: يا سيد، يا أخي وعزيزي وحبيبي، لقد عدت شهيداً وحاملاً للواء النصر. هو كان يقول لن أعود إلا شهيدا أو حاملاً للواء النصر.
أنا أقول له لقد عدت شهيداً وحاملاً للواء النصر، وأنت في عليائك وفي رضوان الله عز وجّل يمكنك أن تكون مطمئن البال أن الانتصارات الكبرى التي كنت تخطط لها وتتطلع إليها وتحلم بها ها هي اليوم تتحقق وإخوانك وأبناؤك وأحباؤك لهم مساهمتهم الكريمة فيها.
لأنه بين هلالين أنا دائما أحب أن أؤكد أن الانتصار الحقيقي في سوريا صنعه بالدرجة الأولى السوريون، القيادة السوريا، الجيش السوري، الشعب السوري، أما الحلفاء على إختلاف إمكانياتهم وقدراتهم وأحجامهم فكان لهم شرف المساهمة في صنع هذا الانتصار.
بعد هذه المقدمة التي تتعلق بقائدنا العزيز، أنتقل إلى الملفات، ويصادف أنها الملفات التي كان مسؤول عنها. العنوان الأول، ما تقوم به الآن الإدارة الأمريكية في منطقتنا والأبرز فيه هو موضوع إعلان ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي، أنا سأبدأ من هنا لأنه كله سيوصلني إلى فلسطين وهو الموضوع الأساسي بالجزء الثاني من خطابي.
أنا لا أريد أن أحلل أو أتحدث عن الاتفاق النووي وعن الأسباب وعن أسباب خروج ترامب وعن التداعيات والنتائج، أريد أن أخذ فقط العبرة والدرس لأن هذا هو ما يفيدنا، ما يفيدنا كشعب لبناني وكشعب فلسطيني بالدرجة الأولى، شعوب المنطقة، حكومات المنطقة، والعالم أيضا أن نأخذ العبرة حتى نعلم في مسيرتنا السياسية وحياتنا العامة اليوم كيف تتصرف الإدارة الأمريكية التي تعتبر نفسها القوة العظمى في العالم، ومن هي؟ وهذا بالحقيقة له علاقة بالثقافة السياسية، بالوعي السياسي أكثر مما له علاقة بالتطور السياسي.
اليوم، تثبت الإدارة الأمريكية من جديد، بالشواهد التي سنذكرها، أنها دولة وأنها حكومة، لأنه هذا ليس فقط قرار ترامب هذا قرار الحكومة الأمريكية، المؤسسة الأمريكية الحاكمة اليوم هي تثبت من جديد أن ما يعني أمريكا في العالم أولاً هو مصالحها، وثانياً مصالح إسرائيل ونقطة على أول السطر.
يعني، بالنسبة للحكومات الأميركية المتعاقبة، لا يوجد مكان لقيم إنسانية وأخلاقية. اليوم، الفلسطينيون يتظاهرون سلمياً في غزة وفي الضفة، في غزة عشرات الشهداء حتى الآن، أكثر من ألف جريح حتى الآن، خلال الأسابيع الماضية عشرات الشهداء وآلاف الجرحى، هذا لا يقدم ولا يؤخر شيئاً عند الإدارة الأميركية، وإذا فكّر أحد أن يدين في مجلس الأمن، الفيتو الأميركي جاهز. أي شيء اسمه قيم إنسانية وأخلاقية وحقوق إنسان هذا كلام فارغ وليس له أي مكان في خلفيات صنع القرار الأميركي.
ثانياً، القرارات الدولية والقانون الدولي والمؤسسات الدولية والمجتمع الدولي، هؤلاء الذين يطالبون دائماً في لبنان باحترام القرارات الدولية، تنفيذ القرارات الدولية، غداً ترون عندما نذهب إلى البيان الوزاري سيحصل الشيء نفسه، تنفيذ القرارات الدولية، احترام القرارات الدولية.. أعظم قوة في العالم لا تحترم القرارات الدولية ولا القوانين الدولية ولا المؤسسات الدولية، حتى القرار الدولي الذي شاركوا في صنعه، والذي هم صنعوه وكانوا راضين به، وعندما لا يناسب مصالحهم يتخلون عنه ويخرجون منه.
ثالثاً، أي اتفاقيات وعهود ومواثيق ليس لها أي قيمة لا أخلاقية ولا قانونية عند الحكومات الأميركية المتعاقبة، فعندما يريد يجري اتفاقاً وعندما يريد ينسحب منه، يعني لا عهد لهم ولا ذمة لهم ولا ميثاق عندهم. لن نتكلم الآن عن اتفاقية المناخ واتفاقيات التجارة، نتكلم عن منطقتنا فقط. يعني لا يمكن لأحد في العالم أن يثق بالتزامات وتعهدات الولايات المتحدة الأميركية. اليوم يضحكون على رئيس كوريا الشمالية، أنه إذا تدمر السلاح النووي الذي لديك نحن سنسمح للشركات الأميركية أن تستثمر في كوريا الشمالية، إذا صدّقهم ودمّر مثل ما فعلوا في ليبيا، غداً يقولون له لنسمح للشركات الأميركية يجب أن تفعل هذا النوع من الانتخابات، لنسمح للشركات الأميركية هناك تلك الموازين في حقوق الإنسان، لنسمح، لنسمح وتبدأ مسيرة الابتزاز.
لا يمكن الوثوق، أيها اللبنانيون، أيها الفلسطينيون، يا شعوب المنطقة، من الحماقة بعد كل هذه التجارب - عندنا يقولون "لا يلدغ مؤمن من جحر مرتين" يا أخي مئة مرة وألف مرة هؤلاء الأميركان أصبحوا "لادغين" العالم، هذه إدارة وهذه قيادة لا يمكن الوثوق لا بتعهداتها ولا يإلتزاماتها ولا بوعودها والتجربة هذه أمامنا الآن شاهدة، لا نتكلم بالتاريخ بل نشاهد بأعيننا.
وأيضاً أثبتت التجربة أن الإدارات الأميركية لا تحترم حتى حلفاءها، حتى مصالح حلفائها لا تراعيها. الآن بالاتفاق النووي، مصالح الأوروبيين الاقتصادية والسياسية وحتى الأمنية هي في الالتزام بالاتفاق النووي مع إيران. لكنها لم تسأل عن حلفائها الأوروبيين، ليس عن عملائها في العالم الثالث، حلفائها الأوروبيين، دول كبيرة، دول لها حق الفيتو في مجلس الأمن، أميركا لم تسأل عنهم لا بالمضمون، عن مصالحهم، ولا بالشكل، كيف ستسأل عن مصالح من تعتبرهم مجرد أدوات وأتباع ويقول عنهم ترامب أنه لولا الوجود الأميركي هذه الدولة وتلك الدولة لا تبق سبعة أيام، هل لمصالح الدول العربية والدول الخليجية وبعض الدول في العالم الإسلامي مكان في خلفية أو في مخ أو في "نخاع" أميركا عندما تصنع القرار، هذا ليس له مكان.
إذاً هذه هي العبرة الأساسية اليوم التي يجب أن نأخذها من انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني، أنا لا أريد أن أتحدث عن التداعيات والنتائج والأسباب وإلى أين يذهب هذا الملف؟ ليس موضوع خطابي اليوم، لكن هذا الجانب بالنسبة لنا مهم جداً، لكل أحد في منطقتنا وفي العالم، لكن لكل أحد في منطقتنا يربط مصيره أو يخطط لمستقبله أو يصوغ منطقته أو يتخذ خياراته على قاعدة الاعتماد على الأميركي أو الثقة بالوعود الأميركية أو الالتزامات الأميركية في أي ملف كان كبيراً أو صغيراً.
ولذلك طالما نحن اليوم، يوم فلسطين، اسمحوا لي من هذه النقطة أن آخذ أيضاً النتيجة التالية، عندما أعلن ترامب اعترافه بالقدس عاصمة لإسرائيل قامت السلطة أو المفاوض الفلسطيني، حتى لا ندخل بالأسماء، وقال نحن لن نقبل بأي مفاوضات جديدة وبأي تسوية جديدة الوسيط فيها هو الأميركان لأنه وسيط غير نزيه، حسناً ماذا تريد؟ قال أريد 5+1 مثل الاتفاق النووي الإيراني، هذا هو المسار الذي يعطيني ضمانات ويأخذني إلى الحل. نقول له اليوم بمناسبة انسحاب ترامب من الاتفاق النووي الإيراني الذي تم الاتفاق عليه في إطار 5+1 واتخذ به قرارٌ بالإجماع في مجلس الأمن الدولي "تخبز بالأفراح"، هذا طريق أيضاً لا يوصل إلى مكان ولا يُعطي أي ضمانة. 5+1 لم يسأل عن أوروبيين ولا عن الروس ولا عن الصين ولا عن مجلس الأمن ولا عن المجتمع الدولي. إذا أحد في فلسطين أيً يكن يُراهن أن هناك حل الأميركان موجودون فيه إما كوسيط وحيد أو كوسيط دولي أو كجزء من 5+1 يعيش مجدداً على أوهام وأوهام وسرابات لن تؤدي إلى نتيجة، هذه التجربة تقول لكم أيها الفلسطينيون أنه ليس هذا هو الطريق، أبداً، هذا لا يوصل إلى مكان.
العنوان الآخر أيضاً سيوصلنا إلى فلسطين، هو المواجهة الأخيرة في سوريا التي حصلت قبل أيام مع العدو الإسرائيلي في الجولان. قبل أيام، في الأسبوع الماضي، حصلت مواجهة على درجة عالية من الأهمية في سوريا، سميت " ليلة الصواريخ"، ما جرى في تلك الليلة حتى مطلع الفجر كان بالغ الأهمية والدلالات في سياق الصراع العربي الإسرائيلي والصراع مع العدو وتطورات المنطقة، الآن أخذ الموضوع حجم معين، أنا سأتحدث عنه قليلاً، لأنه شهدنا في الأيام الماضية مسعى إسرائيلي لقلب الحقائق وجهد في الإعلام الخليجي عجيب غريب لتقديم ما حصل أنه انتصار كبير لإسرائيل. يستطيع الشخص بالكذب أن يحول الفشل إلى انتصار، بالخداع وهذا أصبح من خصوصيات للأسف بعض الإعلام العربي وبالخصوص بعض الإعلام الخليجي، يعني إذا قلت لكم رقم بسيط، أنه بهذه المواجهة الإسرائيليين لم يقولوا هذا العدد، لكن تبرع الإعلام الخليجي ليقول أن في هذه المواجهة استشهد 23 شهيد سوري وإيراني ونصفهم من الإيرانيين، وهذا غير صحيح، هذا غير صحيح على الإطلاق، حتى الإسرائيليين لم يقولوه، لكن نشرت الفضائيات الخليجية والصحف الخليجية ثلاثة أربعة أيام وبعض التلفزيونات اللبنانية في الشريط الإخباري أيضاً واكبوهم 23 شهيد وهذا غير صحيح. والصحيح أنه نتيجة المواجهة خصوصاً في الدفاعات الجوية السورية هناك ثلاث شهداء من الجيش العربي السوري في هذه المواجهة وهذا أعلن عنه رسميا في سوريا.
نعود لأصل الموضوع، نأتي للحادثة بحد ذاته فقط نوصفها ونأخذ كلمتين في الدلالات، لأنه إذا أضيفت هذه الحادثة، هذه المواجهة "ليلة الصورايخ" إذا أضفناها إلى ليلة إسقاط الطائرة الإسرائيلية، الطائرة الحربية الإسرائلية قبل أشهر، نكون نذهب إلى تطورات على درجة عالية من الأهمية، في تلك الليلة ولأول مرة من تاريخ وقف إطلاق النار في الجولان منذ حرب 1973 تتعرض مواقع قوات الإحتلال الإسرائيلي في الجولان المحتل، هذا يجب أن يبقى ليس الجولان السوري، في الجولان السوري المحتل، الذي الاسرائيلي يعمل في الليل والنهار وفي السنوات الماضية بسبب الأحداث في سوريا كان يحاول أن يأخذ مسعى دولي لشرعنة ضمه للجولان إلى الكيان الإسرائيلي، لأول مرة منذ ذاك التاريخ تتعرض مواقع جيش الإحتلال في الجولان السوري المحتل إلى قصف صاروخي بهذا الحجم كماً ونوعاً. حسناً، الذي حصل تحديداً، بالدقة أتكلم، الآن الإسرائيلي يتكلم عن عشرين صاروخ وقال أنه أسقط أغلبهم، الحقيقة أن الذي أطلق هو 55 صاروخاً وبعضها من الحجم الكبير، واستهدفت عدد من المواقع العسكرية، مواقع الإحتلال في الجولان، ودوت انفجارات ضخمة في منطقة الجولان، أدت وأجبرت على نزول جميع سكان المستعمرات في الجولان وفي بعض شمال فلسطين إلى الملاجئ ولأول مرة ينزلون إلى الملاجئ مرعوبين وخائفين ومذعورين منذ عام 1973، العدو تكتم عن خسائره إذا عنده خسائر، على كل حال عنده عادة من هذا النوع، تكتم عن استهدافات الصورايخ، عن مواقع سقوط الصواريخ، حاول أن يقلل من أهمية الموضوع عندما تكلم عن عشرين لم يقل الرقم الحقيقي، وقام برد فعل على الهجوم الصاروخي، ضرب عدد من النقاط وأغلبها كان قد تم إخلاؤها مسبقاً، تصدت له الدفاعات السورية، قوات الدفاع الجوي السورية ببسالة وببطولة كما حصل في ليلة ترامب - العدوان الثلاثي على سوريا - وتم إسقاط عدد كبير من صواريخ سلاح الجو الإسرائيلي وصواريخ الدفاعات الجوية وصلت إلى فوق طبريا وفوق صفد مما اضطرهم إلى استخدام الباتريوت لاسقاطها، شيء سقط فوق صفد، شيء سقط فوق طبريا، شيء سقط فوق المطلة، شيء سقط عندنا في الهبارية في الجنوب، وكان هناك مواجهة حقيقة على هذا الصعيد.
حسناً، قبيل الفجر، وطبعاً حتى الأهداف الذي قام الإسرائيلي برد الفعل عليها أهداف محسوبة ودقيقة ومنتقاة وتجنب الأهداف المدنية والأهداف السيادية والأهداف السياسية - الآن أقول لماذا أقول هكذا - وذهب إلى أماكن قصفها وهو يعلم أنها خالية، لأنه بعدما قام بهذا القصف اتصل بالأندوف يعني قوات الطوارئ الموجودة في الجولان وقال لهم احكوا مع السوريين، إذا هذه العملية انتهت نحن انتهينا، ذكروني - لأنه نحن كنا في الصورة كل الليل - ذكروني قبل عام 2000 الذي كان يحصل مع الإسرائيلي.
حسناً، هذا الحادث، هذه الوقائع، لكن عندما تأتي للدلالات أيضاً بكلمتين، لأن الدلالات مهمة جداً.
أولاً، أن هذا الهجوم الصاروخي النوعي هو أحد أشكال، هذا ليس الشكل الوحيد، هو أحد أشكال الرد على العدوان الإسرائيلي المتواصل على سوريا وعلى من في سوريا سواءً كان المستهدف الجيش السوري أو المستهدف الوجود الإيراني سواءً اسمه مستشارين أو اسمه قواعد لأن هذا فيه نقاش حوله أو أي من الحلفاء، هذا شكل من أشكال الرد، الرسالة الذي أوصلها هذا الهجوم الصاروخي للاسرائيليين ولحكومة العدو وكانت مدوية، نحن نتابع الإعلام الإسرائيلي ماذا يقولوا الوزراء والنواب والكنيست ووسائل الإعلام وحتى الشارع وأعتقد لاحقاً أن أهل الجولان يعني المستعمرين المستوطنين في الجولان وجماعة المستوطنات في شمال فلسطين المحتلة أيضاً لهم حديثهم وخطابهم مع الحكومة الإسرائيلية، الرسالة ما هي؟
تفكر أنك تستطيع أن تستمر على هذا المنوال، بأن تذهب الى سوريا وتقصف وتقتل وتدمر ولا تلقى أي رد فعل على الاطلاق، وتكتفي بالتهديد والتهويل وأن تلبّد النّاس، أنت مخطىء ومشتبه هنا، هذه رسالة، أنه كلا، العالم سترد.
الان في الشكل الناسب في الوقت المناسب في المكان المناسب بالطريقة المناسبة، لأن هذا أحد اشكال الرد، ليس دائما ممكن أن يكون الرد بهذا الشكل، أنت لا تستطيع أن تستمر، كإسرائيلي، كعدو في إستباحة سوريا وفي الاعتداء على سوريا وعلى من في سوريا، وعلى محور المقاومة في سوريا دون أن تواجه رداً او أن تواجه عقاباً، هذه مرحلة جديدة بالكامل، أسّس لها هذا الهجوم الصاروخي النوعي، وبالتالي بدأ الحديث حتى داخل الكيان، الى أين تأخذوننا؟ نحن لسنا جاهزون أن نذهب الى حرب، ما تقومون به يستدعي فعل، ردود على الردود يمكن أن يؤدي الى حرب، ليس من مصلحتنا أن نشن حرباً، "تضبضبو"، أعيدوا حساباتكم.
اذاً هناك مرحلة جديدة، هذا أهمية ما حصل. توجد مرحلة جديدة على الاسرائيلي أن يقوم بحسابات في سوريا، يمكن قبل ذلك، لم يكن يقوم بالكثير من الحسابات، بعد اسقاط الطائرة نحن كلنا المتابعون في المجال العسكري رأينا أن حركة سلاح الجو الاسرائيلي تجاه سوريا أصبح لديها تدابير واجراءات جديدة وحسابات جديدة.
بعد هذا الهجوم الصاورخي، القرار الاسرئيلي، سرعة وضع الاصبع على الزناد لن تبقى موجودة، أنا لا أقول أنه لن يفعل شيئا، ولكن أقول أنه سيدخل في الحسابات، وأنا أقول له أيضاً أن رسالة هذا الهجوم الصاروخي النوعي يجب أن تدخله في هذه الحسابات.
ثانياً في الدلالات، أن هذا الرد الصاروخي حصل بالرغم من التهديد الاسرائيلي والتهويل الاسرائيلي، اذا تذكرون على مدى أسبوعين ثلاثة، الاسرائيليون يقولون بأنهم يتوقعون ردأً، لكن اذا حصل رد سندمر ونقصف ونقتل وسنقلب الميمنة على الميسرة، ونجعل عاليها سافلها، حسنأ، حصل الرد والذي كان هو متوقعاً عندهم ويعرفون أن الناس ذاهبة الى هذا الحجم من الرد، ولم يحصل شيء، ولم يقلبوا الميمنة على الميسرة ولم يجعلوا عاليها سافلها ولم يتجرأوا أن يمدوا أيديهم الى بعض الخطوط الحمراء في سوريا، لأنه أريد أن أكشف سراً لكم، أنه تم إبلاغ حكومة العدو من خلال جهة دولية أن الرد الاسرائيلي على سوريا لو تجاوز الخطوط الحمراء، فإن القصف الثاني سيكون في قلب فلسطين المحتلة، وليس في الجولان، وهذا ادى الى أنهم "تضبضبوا" في الليل واتصلوا بالاندوف وقالوا اذا انتهت نحن انتهينا، رغم كل التهويل والتهديد، الناس أخذت قراراً، والناس قامت بهذا الرد، وهذا يعني أننا انتهينا، تهويل وتهديد وإرعاب وما الى ذلك، هذا إنتهينا منه.
النقطة الثالثة، بالرغم من الجهد المعلوماتي والعملاني الإسرائيلي على مدى كل الأيام الماضية التي سبقت الهجوم الصاروخي، لمنع إطلاق صواريخ من سوريا، إلا أن الصواريخ أطلقت وهذا فشل عسكري اسرائيلي ونجاح لمن أطلق الصواريخ.
رابعاً، بالرغم من أنهم يعرفون بالتحليل ويمكن بالمعلومات أن الهدف هو في الجولان، وأتوا وكثّفوا القبة الحديدة، وكل منظومات المواجهة التي تقوم بإسقاط الصواريخ، ووضعوا كل الفرضيات، وكانوا في قمة الاستنفارات، ولكنهم لم يستطيعوا أن يمنعوا وصول العدد الأكبر من الصواريخ الى المواقع العسكرية الإسرائيلية في الجولان، وهذا أيضاً فشل عسكري إسرائيلي.
خامساً، أثبتت هذه التجربة، كذب القيادة الإسرائيلية ونحن اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين وكل المنطقة تعرف "لكي لا يأكل الاسرائيليون رأسنا" أن الاسرائيلي يظل يقول لك أن الجبهة الداخلية جاهزة للحرب، من أهم دلالات هذه الحادثة أن الجبهة الداخلية ليست جاهزة للحرب، لا نفسياً، لا أناسهم جاهزين ولا ملاجئهم جاهزة ولا جبهتهم الداخلية جاهزة، وصار لديهم فضيحة على ضوء هذا الموضوع، وهذا أحد الاسباب أيضاً أنهم سارعوا ليوقفوا الموضوع ويمنعوا تطوره.
والنقطة التي بعدها في الدلالات، وكانت ملفتة جداً، هو حاجة الاسرائيلي للتغطية على حجم ما حصل بالاكاذيب، يعني عندما قال 20 صاروخاً، عندما قال أنه أسقطهم، عندما خرج ليبرمن ليقول أنهم هم في رد الفعل على الهجوم الصاروخي في الجولان "قضينا ودمرنا كل القواعد الايرانية في سورية"، هذا كذب محض، ليس له أي أساس من الصحة، طبعاً، في اليوم الثاني خرج القياديون الاسرائيليون ليقولوا أنه اذا حصل شيء ما، سندمّر القواعد الايرانية في سوريا، ما على أساس أنكم قمتم بتدميرها؟!
الآن يمعزل إذا كان يوجد قواعد إيرانية في سوريا أو يوجد مراكز يتواجد فيها المستشارون، هذا أترك توصيفه الى وقت لاحق، تكبير حجم ما قام به الاسرائيلي وتصغير دلالات ما حصل، هي محاولة إسرائيلية لتجاوز هذا التطور.
الأمرالأخير في دلالات هذا العنوان، لكي ننتقل الى المقطع الأخير وما يتعلق بفلسطين، هو بعض الموقف الخليجي المخزي المعيب، أن يخرج وزير خارجية البحرين مثلاً ويقول أنه من حق اسرائيل أن تدافع عن نفسها!!! يعني ماذا نقول عن ذلك، لم يعد هناك حياء، لم يعد هناك خجل أو قيم أو أخلاق أو دين، لا أعرف ماذا يسمون هذا؟! وقاحة؟ أنا أسميه قبح، يعني أقبح من هذا، أسوأ من هذا، أبشع من هذا يمكن أن يتوقع أحد موقفاً عربياً، أن إسرائيل لها حق أن ترد في سوريا، تقصف وتدمر وتقتل، دفاع عن نفسها! يعني أنت أيضاً معترف أن الجولان هي لإسرائيل، العملية صارت بالجولان يا غبي، يا أحمق، يا غشيم، يا خائن، على كل حال وجود هذا الوزير، وجود هذه السلطة في البحرين هي من أعظم مظالم التاريخ على الشعب البحريني، والذي يعبّر عن موقف البحرين الحقيقي هو الشعب في البحرين، الناس في البحرين خرجوا وتظاهروا لينددوا بكلام وزير خارجية البحرين، هذا المستوى من الخبث والحماقة والغباء والخضوع ومن التزلف للأميركي والاسرائيلي عجيب، يعني واقعاً "عشنا وشفنا"، يمكن هناك الكثير من الناس كانت تتوقع أن بعض العرب يمكن أن يكونوا خونة وأذلاء و حمقى وقبحين، ولكن الى هذا المستوى من الذي نراه في هذه الأيام؟
المهم في هذا العنوان هو المعنى التالي، أننا أمام مرحلة جديدة في سوريا، أن سوريا ومحور المقاومة كله مع سوريا أمام مرحلة جديدة. الأهم الذي حصل هو كسر الهيبة الإسرائيلية كما أن إسقاط الطائرة الاسرائيلية قبل أشهر أسقط هيبة سلاح الجو الإسرائيلي، "كان فارض هيبة"، لنتكلم الأمور كما هي، أنه إذا مدّ أحدهم يده الى الجولان، إذا مدّ أحدهم إصبعه الى الجولان سأقطع له رأسه، هذا انتهى، اليوم الرسالة التي قدمتها ليلة الصواريخ للإسرائيلي، أن سوريا، لا القيادة السورية ولا الجيش السوري ولا الشعب السوري ولا حلفاء سورية يسمحون بأن تبقى سورية مستباحة أمام الاعتداءات الاسرائيلية وجاهزون الى أن يذهبوا الى أبعد مدى.
ما حصل في سورية في ليلة الصواريخ هو أولاً وبالذات هو دفاعاً عن سورية وعن السيادة السورية قبل أن يكون انتقاما لهؤلاء الشهداء أو لاولئك الشهداء، ومسؤوليتنا جميعاً، أن نثبت، أن نعمل على تثبيت هذه المعادلة الجديدة في الصراع. إنها معادلة مهمة جداً ومؤثرة في الحماية.
في الملف الفلسطيني، الذي بعد ذلك هو العنوان المهم، أيضاً بإختصار لأن كل ما نتكلم عنه له علاقة بفلسطين، غداً الذكرى السبعون للنكبة، نكبة فلسطين بل نكبة العرب والمسلمين والأمة، بل نكبة الانسانية، ما حصل قبل سبعين عاماً واستمر سبعين عاماً هو وصمة عار في تاريخ وفي جبين البشرية ودول العالم وحكام العالم والمؤسسات الدولية في العالم وما زال يحصل حتى اليوم، ما يجري اليوم في غزة عشرات الشهداء وأكثر من ألف جريح هو استمرار لهذا الذي حصل قبل 70 عاماً، حسناً، الفلسطينيون خلال 70 عاماً لم يتخلوا عن قضيتهم، ممكن إختلفوا في بعض الخيارات، لكن لم يقبل أي منهم أن تصفى القضية الفلسطينية، أو أن يحسم أمرها بمعزل عن أن الحد الأدنى أو الحد الأوسط أو الحد الأعلى، نضالهم وكفاحهم وشهداؤهم مستمر، والذي يحصل اليوم، اليوم نحن أمام تحدي أيضاً في الموضوع الفلسطيني كبير وخطير جداً، هنا سنختصر لكي نتكلم فيه، لما يسمى بصفقة القرن، والذي تقول بعض الأخبار، ليس لدي معلومات خاصة، ولكن الذي يُتداول على مستوى الأخبار أن ترامب سيعلن في شهر أيار، يعني في الاسبوعين الباقيين، سيعلن رسمياً عن هذه الصفقة، وأن المشروع الاميركي لحل القضية الفلسطينية هو هذا، واحد أثنان ثلاثة أربعة خمسة، يا فلسطينيين ويا عرب ويا مسلمين، تقبلون بذلك أهلاً وسهلاً بكم فلتمضوا، لا تقبلون مع السلامة. هذا الذي سيفرض عليكم، لأن هناك شيء نسيته في المقطع الأول في الدلالات، أنه ليس هو لا يحترم بل يأخذ القرار الذي يخدم مصالحه، ويأتي ليفرضه على العالم، والذي لا يمشي معه يعاقبه، حتى ولو كان حليفاً له. القضية ليست قضية أنه يريد أن يعلن حلاً، هو سيعلن هذا الحل قبلتم به أهلاً وسهلاً، وإن رفضتموه سيحاربكم ويعاقبكم ويفرضه عليكم، هذه الخطورة التي تدخلها هذه الايام القضية الفلسطينية، حسناً، بدأ الموضوع بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، واليوم نفذ، مع أنه وعد أن القصة بحاجة الى سنة أو سنتين أو ثلاثة، ولديكم وقت لكي ننفذها، كلا، أخذوا مكاناً متواضعاً في القدس وعجّلوا نقل السفارة.
اليوم، حسناً، هذا المشروع ماذا؟ المتداول والمعروف، والذي لم يعد هناك من شيء مخفي، لا قدس لا شرقية ولا غربية، لا تتكلموا، والذي يظهر لا تحت الأرض ولا فوق الأرض، بالنسبة للمقدسات، لا قدس، القدس عاصمة أبدية لإسرائيل، تريد أن تذهب الى المسجد الأقصى كمسلم تريد أن تذهب الى كنيسة القيامة كمسيحي، يجب أن ترى نتنياهو، هذا واحد، هذا محسوم عند نتنياهو، حسمه وأعلنه.
ثانياً، لا عودة لللاجئين الفلسطينيين، الآن يتكلمون ماذا يفعلون في سيناء، يأخذوهم الى هناك، اللاجئون الفلسطينيون، إما توطينهم في بلدان الإقامة، إما ترحيلهم الى أماكن أخرى، لكن لا عودة لللاجئين.
ثالثاً، الدولة الفلسطينية هي غزة، هذه دولة فلسطين التاريخية ومساحتها تساوي مساحة لبنان على مرتين أو ثلاثة، تنتهي غزة.
رابعاً، أما التواجد الفلسطيني في الضفة الغربية يقام له صيغة، حكم ذاتي، إدارة محلية جزء ملحق بدولة غزة، أنا ليس لدي تفصيل في هذه النقطة.
خامساً، صلح، سلام شامل، وعلى كل الدول العربية والاسلامية أن تقف بالصف، وأن تعترف بإسرائيل وأن تقيم علاقات مع إسرائيل، وأن تطبع مع إسرائيل، والذي لا يقبل، العقوبات، الحصار والضغط والتآمر عليه جاهز، هذه هي صفقة القرن، يعني تصفية القضية الفلسطينية، يعني انتهت القضية الفلسطينية بهذا الشكل.
في هذا السياق الموقف ما هو لكي لا نظل في حالة تحليل وتوصيف، فلنكن واقعيين، يعني هو جدّي في هذا الخيار، والأمور تمشي في سياقها الطبيعي، ما العمل وما هو المطلوب منّا؟ ومن غيرنا ومن كل مسلم وعربي وكل مسيحي ومن كل شريف في هذه المنطقة؟ الذي يحصل أنه يوجد سياق لفرض هذه النتيجة، في هذا السياق أولاً الضغط على إيران، الأن الضغط على إيران في القمة، نحن نعيش في لبنان وفي فلسطين وفي سوريا ربما لا نشعر بالموضوع، اليوم الضغط على إيران في القمة، يوجد عمل على الموضوع المالي على الموضوع الإقتصادي على إسقاط العملة الإيرانية وعلى هز الوضع الإقتصادي داخل إيران لإيجاد حالات إحتجاج شعبي على الحكومة وعلى النظام وبالتالي أخذ إيران إلى مكان آخر.
قمة الضغط على إيران هو الإنسحاب من الإتفاق النووي وإعادة العقوبات الأميركية والتهديد بتشديد العقوبات، يعني ليس العقوبات القديمة فقط، عقوبات جديدة على إيران.
هل الموضوع هو النووي فقط؟ وهم يعلمون انه لا يوجد نووي عسكري في إيران. الموضوع، وهو قاله ترامب ولا يوجد من داعٍ لأحلل. تكلم بالنووي، بالسلاح النووي وهو يعلم انه كذب، وتكلم بالصواريخ البالستية وتصنيع إيران للصواريخ البالسيتية رقم إثنين، وثالثاً دعم إيران لحزب الله وحماس بالإسم يعني فلسطين.
يعني يا إيراني انا مشكلتي معك ليس النووي فقط، ليس الصواريخ البالستية ومداها وصنعها وعددها، انا مشكلتي ومن مشاكلي الأساسية معك دعمك لحركات المقاومة في المنطقة.
عندما يقول حماس، هو بالحقيقة ليس فقط حماس، هو يقول حماس، الجمهورية الإسلامية تقف إلى جانب كل الشعب الفلسطيني إلى جانب كل فصائل المقاومة في فلسطين، وتدعم كل من يؤمن بخيار المقاومة في فلسطين.
إذاً هذا الضغط على إيران، ضغط على إيران تريد أن نعود إلى الاتفاق؟ تريد ان لا نقيم عقوبات؟ تريد أن لا نظل ضاغطين عليك بسعر العملة بالدولار؟ تريد أن نسمح للشركات الاوروبية أن تكمل عندك في إيران إستثمار وتجارة؟ إترك لنا فلسطين، اتركهم لهؤلاء الجماعة هذا واحد.
ثانيا ً، مواصلة الضغط على سوريا، إشغالها. سوريا تقترب من الإنتصار، بعدها يقوم بفعل حجة الكيماوي ليخرج ويهدد ويرعد ويقصف، ولولا بعض المخاوف لما إكتفى بما قصف.
الأميركي يريد أن تبقى القيادة السورية، الرئيس بشار الأسد، الدولة في سوريا، الجيش في سوريا، الشعب في سوريا، تبقى تُستنزف في المعركة الدخلية من أجل تحيّيد سوريا من هذه المعادلة.
ثالثا ً، مواصلة الضغط على حركات المقاومة في المنطقة وبالخصوص في لبنان، اقاموا لنا عقوبات بنكية والأن يعدوننا بقانون جديدة للعقوبات في الكونغرس ويهددوا كل شخص لديه علاقة بحزب الله بالموضوع المالي وغيره، وأنتم بتّم تعرفون هذا الموضوع وتكلمنا عنه كثيرا ً ولكن الأخطر انه صرلنا مدة، يا أخي والله لا يوجد شيء، وإذ كل يوم تسمع إذا أردنا أن نفعل حرب مع لبنان، إذا يصبح بلبنان، سنعيد لبنان إلى العصر الحجري وسنفعل وغيره من هذا التهويل، هذا شو؟ هذا بهذا السياق، انه انظروا أيها اللبنانيين، أنظر يا حزب الله، إقعدوا عاقلين، إقعدوا جانباً، لا تقف أنت وتقول إنك تريد أن تساند الفلسطيني، وتقدم لهم دعم ومساندة وتأييد بالأشكال المختلفة. إذا ً ايضاً الضغط على لبنان.
واخيراً تشديد الحصار على الفلسطينيين في غزة إلى حد تجويعهم. غزة اليوم تواجه حالة تجويع، غزة مع الوقت ستقترب إلى الوضع الذي يعانيه الشعب اليمني، إلى هذا الحد الوضع في غزة صعب وقاسي، يأتي وقت وليس لدى الناس المال لتأكل، والان ليس لها الأموال لتأكل، ماذا يعني؟ يعني آما نأخذ غزة إلى الإخضاع والإركاع من خلال التجويع ونجعلها تستسلم وتوقع، أو نأخذها إلى الإنفجار الداخلي.
وحسناً فعلت قيادات المقاومة في غزة وإنها حولت التهديد بالإنفجار الداخلي إلى فرصة من خلال مسيرات العودة التي ستصل إلى ذروتها يوم الغد، لكن هذا مستمر، هذا ضمن الرؤية، هذا ضمن المشروع.
كذلك الضغط على كل الفلسطينيين، سلطة، ومنظمة تحرير، وداخل، وخارج، وشتات، وضغط معنوي، ونفسي، ومالي، وحصار، وإلى آخره.
المطلوب من الفلسطيني اليوم، وهذا عندما نأتي بالموقف، المطلوب من الفلسطيني اليوم يريدون ان يحاصرونه ويضغطوا عليه ويجوعونه ويركعوه ويذلوه فقط من أجل أن يأخذوا توقيعه، "هذا التوقيع هذا كثير غالي، هذا كثير غالي".
إضافة في هذا السياق الذي يحصل هو المزيد من المساندة العربية، والخليجية، للمشروع الأميركي الإسرائيلي في صفقة القرن هذا ايضاً بالسياق.
وأسوأ ما يفعله بعض دول الخليج أمران:
الأمر الأول: وانا كنت قد أشرت له قبل عدة سنوات، هو التغطية الدينية، والشرعية، يعني التبرير الديني للإستسلام لإسرائيل.
انظروا عندما ذهب أنور السادات وأقام الصلح، دولة سياسية، رئيس علماني أقام صلح مع إسرئيل، لم يفعل لها غطاء ديني، وغطاء إسلامي، وغطاء شرعي، واستنتج أن الله يريد هكذا، والنبي يريد هكذا، وصحابة النبي يريدون هكذا. كلا، أقصى شيء ربما في خطابات أنور السادات حاول أن يستفيد من الآية وقالها باللهجة المصرية " وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا" وإنتهى الموضوع.
الملك حسين عندما أقام صلح رسمي مع إسرائيل بوادي عربة، لم يجلب كل المؤسسة الدينية وقال أن هذا يرضي الله والنبي وأهل البيت والصحابة ـ وهو كونه الملك الهاشمي ـ وبنو هاشم وأبائنا وأجدادنا هذا يرضيهم وغيره، أبداً يوجد دولة ذهبت وأقامة صلح. هذا كنت أقوله قبل عدة سنوات.
المصيبة اذا السعودية دخلت على هذا الخط، هنا المصيبة لأنه سيطلع المفتي الأكبر وستطلع هيئة كبار العلماء وسيطلع كبار العلماء والفقهاء والمفتين وعلماء الحديث ومفسري القرأن مثلما بدأ الأن، الأن ما الذي صدر؟ وهذا قاله محمد بن سلمان وتكلم مع المشايخ قبل.
طلع يا إخواننا، أيها العرب، أيها المسلمون، ترى أنتم مخطئين هذه فلسطين حق لهم للجماعة، حق لليهود، هذا حق لهم، هذا حق آبائهم، وأجدادهم، والله هو الذي أعطاهم إياها، والقرأن يقول هكذا ـ انظروا إلى التضليل ـ والقرأن يقول هكذا ويستشهد لك بالآيات القرأنية.
يوجد شخص غبي يسمي نفسه مفكر إستراتيجي خليجي، انا رأيته على التلفاز، يقول ذُكرت إسرائيل في القرأن 38 مرة ولم يذكر كلمة فلسطين في القرأن، اذا الحق مع من؟ يعني هذه فلسطين لليهود، ما علاقاتكم أنتم بها؟ خلص ردوا الحق إلى أصحابه.
يعني نحن ماذا نستنتج؟ انظروا عندما دخلت السعودية أصبح الدين والقرأن والتاريخ والوعد الإلهي يعطي الحق لليهود، وبتنا نحن المسلمين قبل عام 1948 وعلى مئات السنين مغتصبين فلسطين، وسالبينهم ما هو حق لهم، وعلينا أن نعتذر منهم، ونقدم لهم التعويضات ايضاً، وسيدفعها محمد بن سلمان.
هذا الذي يحصل الأن، انا قلت وكنت في جلسة مع أحد كبار إخواننا من علماء السنة قلت له انه في حال أحد لديه علاقة مع السعودية، يقول لهم يا أخي الذي دخل فلسطين، وحرر القدس، وأدخلها في الدولة الإسلامية الكبرى، هو الخليفة الثاني عمر بن الخطاب، يعني على مهلكم، من المحتل لفلسطين؟ من الذي سلب لهم حقوقهم؟ من الذي نزع منهم هذا الحق التاريخي؟
للأسف الشديد وصلنا إلى أن هذا حقهم التاريخي، انا سمعت أحد الكبار في السعودية يقول على التلفاز يجب أن نعترف كما أن مكة مدينة مقدسة عند المسلمين، والمدينة مدينة مقدسة، وهذا حقنا، القدس وبيت المقدس مدينة مقدسة عند اليهود، ويجب أن تسلم لهم.
يوجد إحترام وتواضع وكرم، هذا الكرم العربي لا نراه إلا مع العدو، هذا الأمر الأول الأسوأ.
والأمر الثاني الأسوأ أن هذه الدول الخليجية وفي مقدمتها السعودية هي تقود المنطقة إلى عدو إخترعته وإلى حرب تريد أن تجر العالم إليها مع إيران.
هؤلاء جاهزون ليدفعوا مئات مليارات الدولارات لأميركا، فقط لأن تأتي وتقيم حرباُ مع إيران، بعيداً عن فلسطين بعيداً عن القضية الفلسطينية، هذا يمشي ضمن السياق.
الموقف، لنكون واقعيين ونستفيد منذ عام 1948 إلى اليوم، منذ سبعين سنة، ومن تجربتنا في لبنان، الشعب الفلسيني، أيها الشعب الفلسطيني، الشعب اللبناني، الشعب السوري، شعوب المنطقة، الشعب الإيراني لأنه اليوم في قلب التحدي، كل شعوب المنطقة، اي رهان على قانون دولي مؤسسات دولية منظمات دولية "حكي فاضي".
ونزيد اي رهان على أنظمة عربية بالأعم الأغلب "حكي فاضي"، نتكلم تجربتنا، تجربة الفلسطينيين.
الرهان اذا بكلمة مختصرة على موقف شعوبنا، وموقف بعض الدول، وموقف حركات المقاومة، هذا الذي يعطي نتيجة، وهذا الذي يغير المعادلة.
انا لا أتكلم لأبعث الأمل، انا أتكلم لأقول أن التجارب تقول أن الأمال مفتوحة أمامنا وبشكل كبير جداً.
اليوم مطلوب موقف في مكانين، المكان الأول هو الفلسطيني، الفلسطيني ليس مطلوب منه الأن أن يقوم بحرب، ولا ربما يطلق إنتفاضة مسلحة ولا شيء. هذه الإنتفاضة الشعبية مطلوبة منه وحتى لو لم يقم بها.
المطلوب منه شيء واحد، هذا الذي يعطل صفقة القرن، طبعاً اليوم عنما نزلوا، ومن أسابيع ينزلون، هذا يحطم صفقة القرن، ويكسرها.
لكن يوجد شيء واحد اصلي، هذا يمنع صفقة القرن أن تتحقق حتى لو أجمع عليها كل العالم، وصارت قراراً في مجلس الأمن الدولي، هو أن لا يوقع الفلسطيني، لا يوقع، لا رئيس السلطة الفلسطينية، ولا رئيس منظمة تحرير، ولا أمين السر، ولا فتح، ولا حماس، ولا الجهاد، ولا احد.
ان لا يوقع الفلسطيني الذي يقدم نفسه للعالم أنه الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني.
اذا لم يوقع لن يحصل شيء، "صرلها" إسرائيل محتلة فلسطين وفي ظهرها الجولان، وايضاً في ظهرها كان جزء من لبنان، وما زالت مزارع شبعا، وخير إن شاء الله، وبقيت القضية حية، وحركات المقاومة كبرت، وأصبحت أقسى عوداً وأقوى وقوداً، ووعي الأمة كبر.
الحكام لم يتغير شيء فيهم، الحكام إنكشفوا، لم يتغير جوهرهم وحقيقتهم، هذه حقيقتهم منذ زمن.
اذاً الموقف الأول الذي يُبنى عليه الموقف الثاني هو أن الفلسطيني لا يوقع في حال جاء الف ترامب وألف نتنياهو وألف محمد بن سلمان لا يستطيعوا أن يفرضوا على الفلسطيني تصفية القضية الفلسطينية.
والموقف والمكان الثاني هو محور المقاومة، الجمهورية الإسلامية في إيران، الجمهورية العربية السورية، في لبنان، في العراق، في اليمن، شعوبنا في المنطقة من البحرين إلى شمال افريقيا إلى تونس إلى مصر إلى غيرها، محور المقاومة في دوله وأحزابه وشعوبه يبقى واقفاً صامداً لا يخضع، لا يركع، لا يستسلم، حتى لو عاقبوه، حتى لو حاصروه، حتى لو أسقطوا له سعر عملته، حتى لو أطالوا عليه الحرب في سوريا، وفي اليمن، حتى لو ظلموه، وسجنوه، لكن هو يتمسك بهذا الحق، ولا يتنازل عنه. هذا المطلوب حتى نعبر هذه المرحلة ويمكننا أن نعبر هذه المرحلة.
في عام 1996 إجتمع العالم كله في شرم الشيخ، كل العالم، وقيل في ذلك الوقت أن التسوية انتهت. الموضوع الفلسطيني نتهى، والعالم حسم خياره، لكن المواجهة التي حصلت في لبنان، والتي حصلت في فلسطين، وصمود سوريا، وصمود إيران. هذا الذي كان يقول قاب قوسين او أدنى إنتهاء القضية الفلسطينية في عام 1996، ذهب كل شيء الأن نحن في عام 2018.
المشروع الحالي مثلما يقولون بعضهم، وهذه ليس تعبيراتي وأدبياتي انا ولكن أستعيرها، يقولون المشروع الحالي له مثلث من ثلاثة أضلع: ترامب، ونتنياهو، ومحمد بن سلمان. أي واحد من هؤلاء الثلاثة يسقط، هذا المشروع إحتمال قوي انه يسقط، في حال لا اريد أن أجزم.
لكن هؤلاء الثلاثة لنتكلم بالواقعية سياسية، ترامب مهزوز بأميركا فضائح، ومشاكل، وغيره، وغير معلوم إلى أين يأخذ العالم، وإلى أين يأخذ أميركا بوضعه الداخلي. نتنياهو، ملفات الفساد عليه "هلقد" (كثيرة) ويحاول أن يستقوي بالإنجازات السياسية لينقذ نفسه من ملفات الفساد