X
جديد الموقع
حزب الله يهنئ الشعب الفلسطيني على كسر قيود الاحتلال عن المسجد الأقصى المبارك
حزب الله: ما قام به أبناء عائلة الجبارين في القدس درس لأحرار الأمة..
الإمام الخامنئي: الجرائم بحق الشعب الايراني لن تزيده إلا كرهاً للادارة الأميركية وأذنابها بالمنطقة كالسعودية
بيان صادر عن حزب الله تعليقاً على اقتحام النظام البحراني لمنزل آية الله الشيخ عيسى قاسم
حزب الله يدين بأشد العبارات : الحكم ضد آية الله الشيخ عيسى قاسم جريمة
السيد حسن نصر الله يهنئ الشيخ روحاني بإعادة انتخابه رئيسا للجمهورية الاسلامية

النافذة التربوية :: الجامعة اللبنانية: إضراب الأساتذة المحق ومصير الطلاب القاتم

img

الدكتور جهاد رستم نون*

يستمرّ إضراب #الأساتذة المتعاقدين بالساعة في #الجامعة اللبنانية منذ بداية العام الدراسي. انقضت ستة أشهر ولم يصل ملفهم بعد الى مشرحة التحاصص. مستحقات عقود المصالحة يقبضونها بعد أشهر من التعليم فيأكلها تدهور قيمة الليرة، أجرة الساعة لا تشتري كرتونة بيض. وضع الأساتذة المتفرغين أفضل من حيث الوضعية الوظيفية لكنه ليس أفضل مادياً، فالاستاذ المتفرغ ممنوع عليه ممارسة أيّ عمل مأجور آخر فكيف يمكنه أن يعيش ويُعيل بمئتي دولار شهرياً. مدرّبون لم يقبضوا منذ شهور. بين إصرار الأساتذة المحق وبين لامبالاة الدولة أصبح طلابنا رهائن.
اهل السلطة مشغولون بالبحث عن هوية لبنان وتطوير النظام على قياسهم وقيادة النهوض من قعر لائحة الدول المفلسة الذي أوصلونا إليه، فيما أهل الجامعة لا طائل لهم وهيكلياتها التقريرية معطلة والميزانية تدهورت أكثر من 15 مرة. الواقع مزرٍ والطلاب قبل الأساتذة محبطون... مسؤولونا الذين أمعنوا في تفليس المؤسسات، في سرقة المدّخرات وجنى العمر، لديهم أولويات كثيرة قبل الجامعة.
في هذه المعمعة، صرختي لزملائي هي أن نتابع التدريس برغم حقوقنا المادية والمعنوية المهدورة. لنتابع التعليم لأن الطلاب هم أولادنا. هم جيل أنجبناه وجنينا عليه في بلد آمنّا به وها نحن محبطون، كذبنا على أنفسنا قبل أن نكذب عليهم. جيل لطالما علمناه تقديس الوطن قبل أن يكتشف ونعيد اكتشاف أن لا شيء يتغيّر في لبنان إلا الضحايا. السياسيون يبقون، والذهنية الفاسدة خالدة.
في زمن الإحباط، وحده أستاذ جامعي كبير النفس يحدث الفرق، وحده رجل أمن متفانٍ، وحده طبيب صمد ليداوي فقراء بلده ولم يهاجر يحدث الفرق. تعالوا نعلّم مجاناً وعلى أعين المسؤولين لإنقاذ العام الدراسي رحمة بطلابنا. ونحن أصلاً نعلّم بمعاش لا يشتري عنزة، وأجرة ساعة لا تشتري إبريق حليب. بالمناسبة، لا أريد زودة معاش ممّن حطمني وخرب ثقة أولادي بمبادئي ووطنينتي. وما نفع الزيادات في هذا الظرف يأكلها التضخم مع غروب كل شمس.
لطالما تغنّى أهل الجامعة اللبنانية بأنها جامعة الفقراء وتبنّى الأساتذة بفخر هذا الشعار ولكنهم لم يقبلوها فقيرة. جامعتنا اليوم فقيرة ومتروكة للموت البطيء كما حال بيوتنا فهل نسهم في وأدها؟
أيتها النخبة الحاكمة التي لا ترى الجامعة اللبنانية أولوية، التي لا تنظر الى مستقبل أكثر من 80000 طالب. أتريدون تخريج قطّاع طرق وطلّاب تأشيرات؟ أتريدونهم طعاماً لأسماك المتوسط في هجرة غير شرعية؟ أتريدونهم وقود حرب أهلية؟ تتبادلون الاتهامات بالفساد وكلكم خارج القضبان. ادعموا الجامعة فالعلم يفرغ السجون لتتسع لفاسديكم لو كنتم صادقين. أسلافكم بناة لبنان العظماء ماتوا فقراء، أما أنتم فأصبحتم أصحاب ثروات فيما أفلس الوطن. هل هذه صدفة؟
طلابنا في غربة المنزل والوطن، لم نرهم ولم يتعرفوا إلى الجامعة منذ شباط 2019. الجائحة سترت الكثير من عورات الميزانية على مدى 3 سنوات. الأزمة دخلت عامها الرابع، طلاب سيتخرجون ولم يدخلوا المختبرات. واليوم مع الإضرابات، سيخسرون فرص الالتحاق بالجامعات خارج لبنان. خسارة عام دراسي أصبحت واقعاً وهذا ما لم يحصل في أصعب الظروف. أتنتظرون أن أهل القرار سيشفقون على الطلاب. زواحف السياسة لا يرون عيون الطلاب القلقة. سياسيونا أولادهم في الجامعات الأجنبية وكلهم حملة جنسيات أخرى وأموالهم في الخارج. وجعهم غير وجعنا ووجع طلابنا.
زملائي، لنعد للتعليم مجاناً لإنقاذ الجامعة لنكون مثلاً لطلابنا. الجامعة في أيام الخير أعطتنا عيشاً كريماً. اليوم هي بحاجة للفتة إنسانية منا. نحن نحاسب السياسيين بدموع أولادنا، نقامر بمستقبلهم فيما نحن أم الصبيّ. لن يغنينا التفرّغ بمئتي دولار، وكم هو فعلاً عدد المتحمّسين للتفرغ بهذا المعاش في الوضع الحالي ولن يفقرنا التعليم مجاناً وإنقاذ عام دراسي وقد أصبحنا أصلاً معدمين. أحترم وجع الأساتذة لكنني لا أستطيع إلا أن أسمع أنين طلابنا. التمسّك بالحقوق في هذا الظرف ومع مثل هؤلاء الحكام ترجمته العملية لامبالاة بالطلاب وبوجعهم.
أنا أتوجّه الى شهامة الأستاذ الجامعي، لطالما كنا رواداً في المجتمع ومثلاً أعلى لطلابنا. لنعد إليهم ولا نخيّب ظنهم حتى لا يصبح أستاذ الجامعة بنظر طلابنا من نادي "كلن يعني كلن".
قد يذكر التاريخ أن أساتذة رفضوا العودة الى الصفوف قبل تحصيل أدنى حقوقهم وهذا حق. لكنه سيكتب أيضاً أن أساتذة تطوّعوا للتعليم براتب وضيع، بدون راتب، بدون أجر، فقط لأجل طلابهم. لسنا أفضل من الجنود والأطباء والشهداء الذين قدموا حياتهم ولم يسألوا. عند الأزمات يندفع الغيارى. أترون وضعاً أصعب على طلابنا حتى نتطوّع ونكسر القواعد؟
أنا فخور بلبنانيتي وما زلت أؤمن بأن الأوطان تُبنى ولا تُستجدى على أبواب السفارات. وأرفض أن يلهث أولادنا وراء جنسيات أخرى وأن يدفعهم اليأس لأن يرموا أنفسهم في البحر. إنه انتحار جماعي حرام أن نسهم به.
أنا سأتابع التعليم لأني أقرأ الضياع في عيون طلابي، وأرى فيهم أولادي التائهين في الوطن. وأشقى لمصيرهم لأنهم يستحقون وطناً يحترم طموحاتهم، وطناً يعطيهم العلم زاداً لا التسكّع والاستزلام. أولادنا يستحقون منا لفتة أبوّة لا واجباً وظيفياً فحسب. أولادنا ونحن أغنى بكثير من سياسيينا المفلسين، ونحن أكبر من زعمائنا الصغار، والوطن يكبر بمن أعطوا وضحّوا لا بمن أخذوا، والتاريخ شاهد.
*أستاذ متفرغ في كلية العلوم الفرع الرابع
المصدر ــ جريدة "النهار"

مواقيت الصلاة

بتوقيت بيروت

الفجر
5:36
الشروق
6:49
الظهر
12:22
العصر
15:29
المغرب
18:12
العشاء
19:03