X
جديد الموقع
حزب الله يهنئ الشعب الفلسطيني على كسر قيود الاحتلال عن المسجد الأقصى المبارك
حزب الله: ما قام به أبناء عائلة الجبارين في القدس درس لأحرار الأمة..
الإمام الخامنئي: الجرائم بحق الشعب الايراني لن تزيده إلا كرهاً للادارة الأميركية وأذنابها بالمنطقة كالسعودية
بيان صادر عن حزب الله تعليقاً على اقتحام النظام البحراني لمنزل آية الله الشيخ عيسى قاسم
حزب الله يدين بأشد العبارات : الحكم ضد آية الله الشيخ عيسى قاسم جريمة
السيد حسن نصر الله يهنئ الشيخ روحاني بإعادة انتخابه رئيسا للجمهورية الاسلامية

مقالات :: هل تبقي عقوبات ترامب حلفاء لاميركا وتحفظ النظام المالي؟

img

 

العقوبات «فنٌ سياسيّ» تستخدمها الدول والمنظمات الدولية كوسيلة لتحقيق أهداف سياستها الخارجية، لكنها تفقد فعاليتها إذا طُبِّقَت دون إستراتيجية واضحة، تلائم طبيعة الهدف وتواكب سلوكه المتغيّر. وكما ذكر ريتشارد نيبو، نائب منسق سياسة العقوبات في وزارة الخارجية الأمريكية سابقًا، في كتابه «فن العقوبات»: هناك عاملان رئيسان يحددان استجابة الأهداف على العقوبات، هما: المعاناة، والعزيمة. 

هذا يعني أن فعالية العقوبات تكمن في مقدار المعاناة التي سيتكبدها الهدف، لكن الهدف ربما كان يمتلك ما يكفي من العزم والإصرار لتحمل هذه المعاناة فضلًا عن التغلب عليها، وبدون وضع هذين المتغيرين الرئيسين في الاعتبار، لا يمكن لصناع السياسة تحديد متى يُحتَمل أن ينجح التدخل الدبلوماسي، أو متى يكون التصعيد ضروريًا، حسبما يلفت نيبو، الذي قضى أكثر من عقد في كواليس الحكومة الأمريكية. 

وهذا الطرح وإن كان يرقى لمرتبة المبادئ التوجيهية العامة، فإنه يتعلق أكثر بفرض العقوبات على الأعداء (مثلما هو حال العقوبات الأمريكية على إيران، وهي مجال تخصص ريتشارد نيبو)، لكن ماذا لو أصبحت العقوبات بديلًا عن السياسة الخارجية، واستُخدِمَت هذه الأداة الإستراتيجية بطريقة عشوائية، كأنها «سوط عقاب يُلهِب به ظهر الصديق والعدو على حد سواء»؟ هذا تحديدًا ما ربما يحدث حين يوضع سلاح العقوبات في يد تاجر أصبح فجأة يمتلك صلاحيات رئيس أقوى اقتصاد في العالم. 

 

عقوبات ترامب تضر بمكانة الولايات المتحدة عالميًا

اعتماد الرئيس ترامب المتزايد على العقوبات الاقتصادية لحل مشاكل السياسة الخارجية، واستغلاله قوة بلاده المالية بهذه الطريقة العشوائية؛ يدفع حتى حلفاء أمريكا إلى تكثيف جهودهم لحماية أنفسهم بطرق يمكن أن تؤدي بمرور الوقت إلى تآكل القوة الأمريكية، حسبما يحذر عدد من الخبراء الذين أدلوا بآرائهم لآلان رابابورت مراسل السياسة الاقتصادية، وكاتي روجرز مراسلة البيت الأبيض، في تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز».

كيف يمكن أن يحدث هذا «التآكل في القوة الأمريكية»؟ حين تطلق الولايات المتحدة عقوباتها كالثور الهائج؛ فتجمِّد أصول الأفراد والمؤسسات والدول في كل حدب وصوب، وتطرد القريب والبعيد خارج النظام المصرفي العالمي، فإنها لا تترك مفرًا من البحث عن حلول بديلة، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى تقويض أداة رئيسة للأمن القومي، وتقليل اعتماد العالم على الدولار كعملة احتياطية عالمية، بل ربما يؤدي في مراحل بعيدة إلى انهيار النظام المالي بأكمله. 

حينها سيكون المسؤول الأول عن ذلك الضعف هم الأمريكيون أنفسهم لأنهم «يفرضون عقوبات على الجميع من أجل كل شيء»، كما يقول ريتشارد نيبو، الذي يعمل الآن باحثًا في مركز سياسة الطاقة العالمية بجامعة كولومبيا، وإذا كانت أصابع الاتهام ستوجه لأحد، فالأولى بها ساكن الأبيت الأبيض الذي بات «يعتقد أن العقوبات تصلح كبديل عن السياسة الخارجية».

وإذا كان ترامب ينتظر بشغف استغاثات المعاقَبين طلبًا للرحمة الأمريكية، فليستمع أولًا إلى ماثيو ليفيت، الذي عمل في منصب مساعد نائب وزير المالية للمخابرات والتحليل في إدارة جورج دبليو بوش، الذي ينصحه بأن «العقوبات وحدها لن تحل مشكلتك أبدًا، ما لم تستخدم إلى جانب أدوات أخرى». 

وليفيت، الذي يشغل الآن منصب مدير برنامج ستاين لمكافحة الإرهاب والاستخبارات بمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، يشعر بالقلق إزاء «الاعتماد المفرط على العقوبات، في غياب الأدوات التكميلية الدبلوماسية وغيرها»، ويحذر من أن هذا النهج «يمكن أن يقوِّض مكانة الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي».

العقوبات الأمريكية تجمع بين حلفاء أمريكا وأعدائها

وحين تخبط العقوبات الأمريكية بشكل يبدو للبعض عشوائيًا، دون تفريقٍ بين عدو وصديق، ويضع ترامب عضوًا في حلف الناتو (تركيا) في السلة ذاتها مع دولة أخرى يسمها بالإرهاب (إيران)، فهو يفتح الباب لكي تتفق أنقرة وموسكو على نظامٍ جديد للمعاملات الدولية يستخدم عملتيهما المحلية بدلًا عن الدولار، الذي أصبح «سلاحًا سياسيًا»، على حد وصف الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في أكتوبر (تشرين الأول). 

 

وإذا كان مُتَفَهَّمًا أن تلجأ إيران لمثل هذه الحيلة وغيرها لتجنب العقوبات الأمريكية، فإن الجدير بالتأمُّل حقًا هو سعي الاتحاد الأوروبي لتطوير نظام بديل يسمح بتجاوز البنية التحتية الحالية للمعاملات الدولية. وإذا لم يكن ترامب يأبه بأعداء الولايات المتحدة، فإن حلفاء أمريكا يمكن أن يُلحِقوا بها أبلغ الضرر، وما فعله الاتحاد الأوروبي حتى الآن ليس سوى غيض من فيض.

خلال العام الماضي، طرح الاتحاد الأوروبي «أداة دعم التبادلات التجارية»، ويطلق عليها اختصارًا اسم «إنستيكس (INSTEX)»، كبديل لشبكة الاتصالات العالمية بين البنوك «Swift» التي تسهل غالبية المعاملات المالية الدولية، دون التقيُّد بالدولار الأمريكي، وبالرغم من تعهُّد أوروبا بعدم استخدام هذه الأداة مع إيران، إلا لمبيعات السلع الإنسانية، أعربت الولايات المتحدة عن قلقها لأنها أدركت أن وراء هذه الخطوات تكمن مخاطر مستقبلية، وما يبدأ بـ«تحدٍ للنهج الأمريكي تجاه إيران» قد ينتهي بأضرار كبيرة على الولايات المتحدة. 

وإذا كان هذا هو صنيع الأصدقاء، فبالطبع وضع فنزويلا وكوريا الشمالية سيجعلهما ييممان وجهيهما شطر العملات المشفرة، التي يمكن استخدامها للتحايل على النظام المصرفي التقليدي، وفقًا لتحذير بيتر هاريل، خبير العقوبات في «مركز الأمن الأمريكي الجديد»، والحال هكذا، ليس مستغربًا أن تحول روسيا احتياطيات سيادية بمليارات الدولارات، محتجزة في البنوك الأمريكية إلى ذهب، كوسيلة للحد من التأثير المحتمل لعقوبات إضافية. 

وحين لاحظ هاريل خطوات ومناهج حلفاء أمريكا وخصومها، على غير اتفاقٍ مُسبَق، ورصد «علامات على أنهم يطرقون أبواب هذا النوع من الاستثمارات»، تساءل مستهجنًا: «هل وصلنا الآن إلى النقطة التي سيستثمر فيها كل من الخصوم والحلفاء في هذه الأدوات التي تتيح لهم الخروج من تحت مظلة نفوذنا».

وإذا كان بيتر هاريل مصدومًا مما وصل إليه الحال عند هذا الحدّ، فينتظر ربما تزيد الأوضاع في هذا الشأن من المخاطر إذا ما فاز ترامب بفترة رئاسة ثانية، كما يتوقع جون إي سميث، الذي كان مدير مكتب مراقبة الأصول الأجنبية بوزارة الخزانة حتى العام الماضي؛ لأن بقاء مثله في منصبه، وبالتالي استمرار سياساته العشوائية سيجبر المزيد من الدول على النجاة بنفسها من بين أنياب الولايات المتحدة، التي تنهش في جسد الحلفاء كما الخصوم، وتهدد حتى برلماناتهم بـ«فرض عقوبات لم يشهدوا مثلها من قبل». 

ترامب ضاعف العقوبات عن نظرائه

الرئيس الأمريكي الحالي ليس بِدْعًا من أسلافه الذين أشهروا سيف العقوبات لتحقيق أهداف السياسة الخارجية الأمريكية. وهذا صحيحٌ في أحد جوانبه؛ فالولايات المتحدة بالفعل وسّعت باضطراد من استخدامها لسلاح العقوبات منذ هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001، مستخدمةً مكانتها في قلب النظام المالي العالمي لخنق اقتصادات الخصوم، وتعطيل تدفق الأموال إلى الأشخاص والجهات والدول.

بيدَ أن تقريرًا صادرًا عن شركة «جيبسون دن» القانونية يُظهِر إفراط ترامب في استخدام هذه الأدوات، سواء من حيث المعدل أو النطاق، ليس فقط ضد الخصوم، ولكن أيضًا ضد الحلفاء. وقد كان عام 2018 شاهد إثباتٍ أقوى حُجَّة من وزير الخزانة ستيفن منوشين الذي وصف العقوبات بأنها «بديل رائع للعمليات العسكرية»، لكنه أغفل أن إدارة ترامب أضافت حوالي 1500 من الأفراد والكيانات إلى قائمة العقوبات، أي ما يزيد بنسبة 50% عن أي عامٍ سابق، بحسب جوستين موزينيتش، نائب وزير الخزانة الأمريكي.

وصنَّفت وزارة الخزانة الأمريكية أو فرضت عقوبات على أكثر من 2800 من الأفراد والكيانات والسفن والطائرات منذ تنصيب دونالد ترامب، وهي زيادة ملحوظة مقارنة بالعقوبات التي فرضت في عهد سابقيه، وفي عام 2018 فقط استخدمت إدارة ترامب هذا النهج بوتيرة تفوق ما فعلته أمريكا خلال الـ15 عامًا الماضية. 

وتظهر الإحصاءات التي تتبعها آدم سميث، مسؤول ملف العقوبات في عهد الرئيس باراك أوباما، أن ترامب يوقع في المتوسط ​​أكثر من ألف عقوبة جديدة سنويًا، مقارنةً بحوالي 500 في عهد أوباما، وحوالي 430 في عهد جورج دبليو بوش، وإذا كان وزير الخزانة ستيفن منوشين شخصيًا يخصص «أكثر من 50%» من وقته للعقوبات وقضايا الأمن القومي، فلا غروَ أن يُعلِن خلال عامه الأول في منصبه عن فرض عقوبات تزيد بنحو 20 مرة عما فرضه وزيرا الخزانة في عهد أوباما طوال فترتي خدمتهما. 

 

"عشق ترامب للعقوبات"..رجل مال يحفظ وجهه

يتفاخر ترامب بهذه الطفرة في العقوبات، ولا يدَّخر وُسعًا في التأكيد عليها؛ إذ أشار إلى «العقوبات» في 34 تغريدة منذ أصبح رئيسًا، وهو ما يعزوه ريتشارد نيبو إلى ثلاثة عوامل رئيسة:

1- خلفية ترامب كرجل أعمال يُعلي قيمة المال، ويعتبره أداة تأثير عالمية، تجعله يؤمن بجدواه كسوط عقاب اقتصاديّ. هذا التوجه، قال عنه آدم سميث: «لقد سمحت العقوبات للرئيس بالقيام بما كان يفعله في القطاع الخاص، أي: التصرف بسرعة، ودون الحاجة إلى التشاور مع أحد أو الحصول على إذنه».

2- تتماشى العقوبات مع نفور ترامب من استخدام القوة العسكرية – مع بعض الاستثناءات البارزة – لأنها تسمح له بفرض إرادته مع الحد الأدنى من المخاطر. هذا المنطق توضحه إليزابيث روزنبرج، وهي مستشارة سابقة رفيعة المستوى في عهد أوباما، قائلة: «إنه لا يريد خوض الحرب، لكنه يريد أن يظهر بمظهر الرجل القوي، وهذه العقوبات تجعله يبدو كما لو كان يصدر تهديدات قوية وهائلة».

3- توفر له العقوبات مخرجًا يحفظ ماء وجهه حين يتعرض لضغوط من قبيل «افعل شيئًا»، لا سيما عندما يتعلق الأمر بمشكلات السياسة الخارجية المستعصية.

 

المصدر: ساسة بوست

تعليقات الزوار


مواقيت الصلاة

بتوقيت بيروت

الفجر
5:36
الشروق
6:49
الظهر
12:22
العصر
15:29
المغرب
18:12
العشاء
19:03