X
جديد الموقع
حزب الله يهنئ الشعب الفلسطيني على كسر قيود الاحتلال عن المسجد الأقصى المبارك
حزب الله: ما قام به أبناء عائلة الجبارين في القدس درس لأحرار الأمة..
الإمام الخامنئي: الجرائم بحق الشعب الايراني لن تزيده إلا كرهاً للادارة الأميركية وأذنابها بالمنطقة كالسعودية
بيان صادر عن حزب الله تعليقاً على اقتحام النظام البحراني لمنزل آية الله الشيخ عيسى قاسم
حزب الله يدين بأشد العبارات : الحكم ضد آية الله الشيخ عيسى قاسم جريمة
السيد حسن نصر الله يهنئ الشيخ روحاني بإعادة انتخابه رئيسا للجمهورية الاسلامية

مقالات :: العدو كورونا وحربه النفسيّة

img

الدكتور محمد محسن

اجتاح فيروس كورونا المجتمعات البشرية معلناً سيطرته على عقول وقلوب وصحة الآمنين في تلك المجتمعات ومُهدِّداً استقرارها واقتصادها، وأمنها القومي والاجتماعي وربّما وجودها كحضارات قديمة وحديثة ومعاصرة.

انه "كيوبيد – 19" الفيروس الذكي الذي يُحسن استخدام الدعاية بأشكالها كافة. تارة هو مجهول غير معروف الصورة ويقصد أن يترك للناس بناء صورته المُخيفة في مخيّلتهم وفي وعيهم، وتارة أخرى هو مُشخّص ولكنّه يحسن التمويه والاختباء والظهور في المواقع المُتقدّمة وخلف خطوط دفاعات البشر ليقضي عليهم من الداخل واحداً تلو الآخر دون أن يتكبّد هو وجنوده أدنى الخسائر.
إنّنا نتعامل مع عدوّ جديد – قديم غير تقليدي يُتقن فنون الحرب النفسيّة بمراحلها الثلاث:

القوّة الناعمة

أ‌- يُمهِّد الطريق لحربه الناعمة عبر استخدام الدعاية الطويلة الأمد مُستعيناً بقوّته الذاتية التي لا تُقهر ومُستفيداً من نقاط ضعف عدوّه ومُستخدماً إمكاناته المادية الهائلة ذات الرأسمال العابر للقارات، ومُستلهماً من تاريخه الخفيّ المبني على الإنجازات والانتصارات، ومُستغلّاً لتحالفاته المُتجّددة مع الفيروسات الأخرى والقاطنة في العالمين السفلي والفوقي، والأهم مستنيراً من ذكائه الحاد في التعامل مع القضايا الساخنة والمصيريّة، وواثقاً من شخصيّته المُهابة في الأوساط المحليّة والإقليميّة والعالميّة. هو شديد الحرص على تجارة الأوهام وبيع بضاعته الفاسدة لأصحاب العقول الفارغة والقلوب الضعيفة.

يسعى دائماً إلى المبالغة والتضخيم والكذب والتضليل ليشل القدرات الدفاعيّة للمجتمعات البشريّة.

التخفّي لإثارة الفوضى

ب‌- يثير الشكوك حول نيّاته الفعليّة وخططه الجهنميّة في عقول المُتلقّين. هو لا يريد أن يُفصح عن هويّته الحقيقيّة، ولطالما بقي مُختئباً ومجهولاً كمصدر للأزمات والكوارث القذرة في إثارة الفوضى وعدم الاستقرار في المجتمعات والدول المُستهدفة.

لقد استفاد فيروس "كوبيد – 19" من خبرات زملائه السابقين كالإيدز والسارس والإيبولا... في المكر والتخفّي وترقّب اللحظات المناسبة للغزو والسيطرة، إلّا أنّه كان أكثر ذكاءً منهم، حيث اختبأ لفترة طويلة وحصد الأرواح سرّاً وصال وجال دون رقيب أو حسيب، إلى أن قرّر دون علم أقرب المقرّبين له من خوض لعبته الحربيّة المباشرة من غير أن يُعلن بوضوح تام عن هويّته الفعليّة.

ضرب ضربته وترك بصماته المربكة على السياسيين والاطباء والمحللين والإحصائيين وخبراء الرسوم البيانية.

القوّة الصلبة

ينقض على العدوّ بشكل مفاجئ مُعتمداً أسلوب الهجوم الساحق الماحق ومُستخدماً الضربات المُركّزة والقاسية والمؤلمة في آن واحد. هو ذكيّ لأنّه مُتدرّج في اتخاذ خطواته المنهجية والمدروسة، لقد بدأ بالقوّة الناعمة والتلاعب بعقول البشر وانتقل إلى لعب دور المصدر المتخفّي لذرّ الرماد في العيون وها هو الآن ينتقل إلى الورقة الأخيرة التي سيلعبها ألا وهي استخدام القوّة الصلبة لتحقيق أهدافه النفسيّة والعسكريّة.
الآن "كيوبيد – 19" قرر مع اركان قيادته وجنرالاته أن يحتل ويقتل ويُدمّر ويشرّد ويُبيد الحضارة الإنسانية ومن يبقى من الجنس البشري على قيد الحياة عليه تجرّع مرارة الهزيمة النفسيّة بحيث لا تقوم للناس قيامة بعد الآن.

صحيح انه يعشق الظلم والعدوان والهيمنة والانتصار، ولكنّه يستمتع اكثر عندما يشلُّ القدرات الدفاعيّة البشريّة ليرضي جنون عظمته وانحرافه الأخلاقي. يسعى لهزيمتنا من الداخل عبر توظيف الطابور الخامس وأجيال الحروب المُعلنة وغير المُعلنة. سينتظر نهاية الضربة القاسية لكي يقيم أعراس النصر هو وجنوده المُحترفين والمبرمجين والمُدجّجين بالأسلحة الخفيفة والثقيلة من فئة الأسلحة الجرثوميّة السريّة المصنعة للحرب البولوجية. سيأخذوننا إلى المعتقلات الجاهزة مسلوبي الإرادة، مرعوبين، خائفين من جبروت الفيروسات، وُمنتظرين لحفلات الإعدام الجماعيّة لفرق الموت التابعة للوحدات الخاصّة الفيروسيّة والمُتنقلة بين المحافظات والمناطق والقرى والمدن والطرقات.

المواجهة والمقاومة

هذه الفوضى العارمة والدمار الهائل والمقابر الجماعيّة التي ارتكبها جيش الكورونا الغازي ستحرك روح الفداء والتضحية لدى المُخلصين من أبناء شعوب الأرض، تاريخ البشريّة يضجّ بالنماذج الحيّة للشعوب الثائرة ضد الهيمنة والاعتداء والظلم. ستُحاول الشعوب الواعية والمسؤولة، وكل على طريقته، أن تستوعب هذا الهجوم المُباغت وأن تتقبّل الخسائر المتنوّعة في الأرواح والممتلكات والاقتصاد والاجتماع الإنساني وستتحول من مرحلة احتواء الغزو واستيعابه إلى مرحلة المواجهة عبر مرحلتين أساسيّتين:

المرحلة الأولى استخدام الدعاية المضادّة للوقاية من هذا الفيروس الفتاك والكاذب والمُضلِّل عبر نشر المعلومات الصحيحة وإطلاق التعليمات والإرشادات واتّباع أنماط حياة جديدة، وبث روح التضامن والتكافل الاجتماعي.

المرحلة الثانية، شنّ الحرب المضادّة عبر تنظيم عمل المؤسّسات المعنيّة بالمواجهة ووضع الاستراتيجيّات ورسم الخطط وتحديد آليات تنفيذ البرامج، وإشراك من يملك القدرات الماديّة والعلميّة والطبيّة والصحيّة والتقنيّة والإداريّة والإعلاميّة والتربويّة والميدانية، وتشكيل فرق عمل مُتخصّصة: منها من يدرس العدو ويُحلِّل قدراته وإمكاناته وخططه، ومنها من يُواجهه مباشرة عبر استخدام الأسلحة المناسبة والفتّاكة للقضاء عليه، ومنها أيضاً من يُحاصره ولا يدعه يتقدّم شبراً واحداً، ومنها من يبلسم جراح المصابين ويؤمّن لهم سبل الشفاء والتعافي. ولا بُدّ أن يكون هناك فرقة تنصرف إلى معالجة التداعيات الماديّة والنفسيّة لمرحلة ما بعد انهزام كورونا. لا تقنطوا ولا تيأسوا، فالنصر آت، ولتكن مقاومتنا وطنيّة شاملة مع ضرورة التعاون والتنسيق مع المقاومات العالمية.

عميد المعهد العالي للدكتوراه في الآداب والعلوم الإنسانية والاجتماعية – الجامعة اللبنانية

المصدر: جريدة النهار

تعليقات الزوار


مواقيت الصلاة

بتوقيت بيروت

الفجر
5:36
الشروق
6:49
الظهر
12:22
العصر
15:29
المغرب
18:12
العشاء
19:03