عزوف أساتذة عن المشاركة في أعمال المراقبة والتصحيح: هل تجرى امتحانات «البريفيه» فعلاً؟
فاتن الحاج ــ الاخبار ــ وزارة التربية حصلت على مرسوم استثنائي لتنظيم «البريفيه» في المدارس الرسمية والخاصة بإشرافها، لكن هل ستتمكن عملياً من إنجاز الاستحقاق بلا شوائب وعراقيل، وسط عزوف أساتذة عن المشاركة في أعمال المراقبة وربما التصحيح؟
الحركة داخل دوائر وزارة التربية تشي بأن امتحانات «البريفيه» قائمة حتى الآن. المرسوم الاستثنائي الرقم 7883 الخاص بتنظيم الامتحانات والموقّع، أخيراً، من رئيسَي الجمهورية والحكومة يعزز هذه الفرضية. لكن المادة 3 من المرسوم خلقت التباساً لجهة من سيعطى الحق بالترشح للشهادة، إذ تسمح بالمشاركة للتلامذة الذين ليس لديهم تسجيل مبرر في الصف التاسع للعام الدراسي 2020 - 2021، إما بسبب نزاع عالق لدى مجلس تحكيمي أو لدى أي مرجع قضائي، ناشئ عن انتقال التلميذ من مدرسة خاصة إلى مدرسة رسمية أو إلى مدرسة خاصة أخرى من دون الحصول على إفادة مدرسية تبيّن آخر صف دراسي كان قد انهاه بنجاح لديها، أو بسبب عدم حيازة التلميذ غير اللبناني المستندات الثبوتية المطلوبة أساساً للترشح أو بطاقة الإقامة القانونية في لبنان.
الالتباس يتعلق تحديداً بحق الترشح للتلامذة الذين لم ينالوا إفادات من المدارس، ولم يرفعوا دعاوى أمام المجالس التحكيمية أو ليس لديهم رقم لدعوى في قلم المجلس، وهؤلاء وضعهم غير مبرر لكون المدارس لم تدرج أسماءهم في لوائحها.
مصادر الوزارة أكدت أنّه ستكون هناك تسوية لجميع الحالات، ولن يحرم من الامتحان سوى من كان راسباً في السابع أساسي، ورُفّع إلى الثامن أساسي في مدرسة أخرى، ومسجّل في هذا العام في «البريفيه». في المقابل، أشارت رئيسة اتحاد لجان الأهل وأولياء الأمور في المدارس الخاصة، لمى الطويل، في اتصال مع «الأخبار» إلى أننا «نرفض حرمان الطلاب من تقديم الامتحانات الرسمية لأسباب إدارية وإجرائية بحتة، ونطالب بمعاملة الطلاب اللبنانيين أسوة بالطلاب الأجانب وعدم التمييز في ما بينهم، وخصوصاً في ظل الظروف الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والنفسية». ودعت من سعوا إلى توقيع مراسيم استثنائية خاصة بالامتحانات إلى أن يسعوا أيضاً إلى توقيع مراسيم استثنائية لتشكيل المجالس التحكيمية التربوية التي من شأنها حماية حقوق الأهل والمدارس، «ولا سيما أننا مقبلون على انهيار في القطاع التربوي، إذا استمر الإصرار على التغاضي عن المشاكل الرئيسية لحسابات خاصة، سواء من ناحية الشفافية المالية أو تفعيل القضاء أو سوء التخطيط».
وبالنسبة إلى مراقبة الامتحانات التي ستنظّم في المدارس بإشراف وزارة التربية، ما كفله المرسوم هو أن الاستعانة بأفراد من الهيئتين الإدارية والتعليمية في ملاك المدارس الخاصة للقيام بأعمال المراقبة، لا ترتّب على وزارة التربية أي أعباء مالية من جراء هذه الاستعانة، إذ إن المدارس هي التي ستدفع لأساتذتها وموظفيها، بحسب مصادر الوزارة. لكن ما أثار علامات الاستفهام هو ما يجري تداوله لجهة أن بعض أصحاب المدارس الكبيرة يطّلعون منذ الآن على أسماء رؤساء المراكز الذين سترسلهم الوزارة كممثلين عنها، وقد يكون لهم رأي في اختيارهم!
أما في المدارس والثانويات الرسمية، فإن إجراء الامتحانات واستدعاء الأساتذة للمشاركة في أعمال الامتحانات مراقبة وتصحيحاً، إن في «البريفيه» أو في الثانوية العامة، لا يزال يطرح جدلاً تربوياً ولوجستياً، في حين أن الأساتذة بقوا، كما تقول مصادرهم، خارج حسابات وزارة التربية، «إذ استنفرت الجهات التمويلية لتأمين الحبر والأوراق والقرطاسية (علماً بأنه، بحسب معلومات الأخبار طلب من المديرين تأمين الأوراق والحبر لطباعة المسابقات في المدارس) ولم تستحضر أي أموال لتعديلات بدلات المراقبة والتصحيح، فرئيس المركز لا يزال يتقاضى 70 ألف ليرة في اليوم، والمراقب العام 65 ألفاً ومراقب الصف 50 ألفاً، وأجرة تصحيح المسابقة تراوح بين 1500 ليرة و5 آلاف».
الأساتذة تناقلوا رسالة مفادها أن الوزارة طلبت، عبر المناطق التربوية، أن تختار 10 أو 12 مراقباً من كل ثانوية، وإذا لم تسلّم الثانويات أسماء أو جرى تسليم أسماء أقلّ من العدد المطلوب، فستختار الوزارة باقي الأسماء باعتبار أن المراقبة إلزامية لأساتذة الملاك، علماً بأن المراقبة، بحسب مرسوم تنظيم الامتحانات، هي عمل اختياري وليس إجبارياً، وأن الأساتذة يمكن أن يلبّوا تحت عنوان «النداء الوطني» لا أكثر. لكن في ظل الظروف المتاحة، يبدو، بحسب المصادر، أن هناك عدم حماسة لدى الأساتذة للمشاركة في الامتحانات لشعورهم بالظلم، ولما يتردد عن إمكان وصول موجة جديدة من وباء كورونا. مع ذلك، تشير المعلومات إلى أن العدد في «البريفيه» تأمّن حتى الآن لأن الأساتذة سيراقبون في مدارسهم وثانوياتهم.
المصادر لا تغفل الرأي التربوي الذي يقول إن الامتحانات الرسمية هذا العام ليست ذات أهمية في ظل التقليص والتساهل في طرح الأسئلة، محذّرة من إمكان رسوب تلامذة جديّين لأسباب خارجة عن إرادتهم قد تكون نفسية أو اقتصادية أو انقطاعاً قسرياً عن التعليم، وخصوصاً أن نسبة الحضور في الصفوف خلال الأسابيع الأخيرة لم تكن مشجعة. وتسأل: «إذا كان الهمّ هو ضمان قبول الطلاب في جامعات العالم التي لا تعترف بالإفادات، فلماذا لا تنظّم دورة امتحانات للذين يريدون أن يتابعوا دراستهم في الخارج، وهؤلاء لا تتجاوز نسبتهم 10%، على غرار الامتحانات التي نظّمت في العام الماضي لأصحاب الطلبات الحرة؟».
بعض أصحاب المدارس الكبيرة يطّلعون مسبقاً على أسماء رؤساء المراكز
الروابط التعليمية لم تلوّح بمقاطعة مراقبة الامتحانات وتصحيحها، لكنها، بحسب عضو رابطة أساتذة التعليم الثانوي الرسمي حيدر خليفة، «تستعد لعصيان تربوي مدني بعد إصدار النتائج وزيارة الكتل النيابية للضغط باتجاه تعديل رواتب القطاع العام». خليفة قال إن «الشهادة المتوسطة لزوم ما لا يلزم، بدءاً من التقييم لربع المحتوى، والمجاهرة بسهولة الأسئلة وغياب الشفافية في وصولها، عبر الإيمايل، إلى مركز الامتحانات وطباعتها في المدرسة الرسمية والخاصة، مروراً بأعمال المراقبة لجهة السماح لأساتذة السابع والثامن أساسي والثانوي الأول بالمشاركة، في حين أن تنظيم الثانوية العامة ضروري رغم كل التحديات لضمان تسجيل الطلاب في الجامعات في الخارج ودخول المدرسة الحربية التي تشترط معدل 12من 20».
ورشة عن دور الجامعات في إدارة النهضة المواطنية
وطنية - نظم "مركز تموز للدراسات والتكوين على المواطنية"، بالشراكة مع مؤسسة "هانز زايدل" الألمانية وبالتعاون مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية في الجامعة اللبنانية، ورشة تفكير ونقاش بعنوان "دور الجامعات في إدارة النهضة المواطنية"، في سن الفيل، في حضور عميد الكلية البروفسور احمد رباح، رئيس المركز الدكتور ادونيس عكره وممثل للجمعية، بمشاركة عدد من المفكرين والاساتذة الجامعيين والناشطين في مجال المواطنية.
استهلت بجلسة افتتاحية بإدارة الدكتور مصطفى الحلوة، مقدما عكره الذي تحدث عن "علوم الإنسان ودورها الريادي في إدارة النهضة المواطنية، وخصوصا أن المواطنية تتجاوز كل الانقسامات من اجل الحفاظ على الوطن منيعا قويا متطورا على كل المجالات والاصعدة".
رباح
وكانت كلمة لرباح قال فيها: "دور الجامعات في إدارة النهضة المواطنية مهم جدا، ونحن بأشد الحاجة إليه في هذه الأزمنة الصعبة التي نمر بها، وقد تكون المواطنية بما تتضمنه من سيادة للقانون، الحل في مواجهة مشاكلنا على أكثر من صعيد، فهي المخرج. وفكر المواطنة ليس ببعيد من وطن نظامه ديموقراطي في الدستور والقوانين، لكن، شتان ما بين المكتوب والممارسات والتطبيق. والواقع اللبناني الحالي خير معبر عن غياب مقومات المواطنية في تركيبة وطن يفتقر إلى سيادة القانون، وعن دولة لا يقوم القيمون عليها بما ينبغي عليهم من أجل منح أفراد الشعب الفرصة ليحققوا مواطنيتهم، فالمواطنية تفترض التزام الديمقراطية والمشاركة السياسية الفاعلة، والتحرر من التعصب والتمييز، والايمان بالأخوة الانسانية، والاعتزاز بالوطن والانتماء له، واحترام كرامة الانسان، والمحافظة على الأمن الوطني، والوحدة الوطنية والتضامن، وتعزيز مبادىء حقوق الانسان".
أضاف: "مع أننا نسمع غالبا هذه العبارات في الخطابات اللبنانية المكررة عبر وسائل الإعلام المرئية والمكتوبة، إلا أن مقومات التنفيذ تغيب، أو قد تغيب الرغبة في التنفيذ وتتقلص على عتبة حسابات وتحسبات حقيقية قد تكون أو وهمية. ويبقى السؤال الواعي السائل عن بناء وطن: كيف نفعل تطبيق أهداف المواطنة؟ نحن في حاجة إلى ورش عمل مماثلة تبحث في آليات تطبيق هذه الأهداف، وبحاجة الى تنشئة أجيال على قيم البناء التي تضمن استدامة المجتمعات الديموقراطية، وتسهم في ترسيخ النظم المنفتحة على التعددية وقبول الآخر، فعلا وممارسة، شباب يلتزم القوانين، يؤمن بالدولة مرجعا أولا وأخيرا. ونحن في حاجة إلى دولة ترعى مواطنيها صحيا وأمنيا وتربويا، وتؤمن فرص العمل والوظائف، وتعنى بالمبدعين والمتعثرين، دولة تكون حاضرة من أجل حل الأزمات، لا متأخرة حينا، غائبة أو مغيبة نفسها أحيانا أخرى".
وتابع: "المواطنية تفترض وجود دولة ومواطن، تفترض طرفين في معادلة، وإن تقاعس طرف عن أداء واجبه تلاشت فاعليتها. المواطنية تفترض استراتجيات وخططا، تنفذ جنبا الى جنب في كل قطاع من قطاعات الدولة. المواطنية لا تبنى في يوم، وإنما هي نتيجة تربية وجهود متتابعة لبناء الثقة. وأي ثقة يمكن أن تبنى في عقول أطفال يتربون على سماع أخبار الانكسارات، وعلى الاستماع إلى قصص الفشل المتسلسل في يوميات ذويهم، وقصص هجرة محبيهم، وأمل السفر الى الخارج من أجل عيش أفضل، وانتشار أخبار الفساد الموصل الى الغايات، وانقلاب القيم؟ أي مواطنية تنشأ على تربية تبدأ منذ الصغر على العنف؟ العنف بأشكاله المتنوعة الظاهرة والمقنعة".
وشدد على أن "البحث في المواطنية اليوم هو بحث في الذهنيات، يفترض عقلا يخطط ويتخلى عن المذهبية ويجعل بناء الوطن أولوية، ليرسخه مفهوما وسلوك حياة. البحث في المواطنية يفترض عقلا واعيا وقلبا صافيا، وسعيا دؤوبا لإزالة العوائق أمام تطبيق عناصرها، يربط محاوره بالواقعين السياسي والاجتماعي، ويعمل على أن تكون تصوراته قابلة للتحقق في المجتمع، تستفيد من المشترك بين الناس، وتظهره إلى العلن وتستثمره، وهذا ليس بالأمر السهل، فقد يكون له أكثر من وجه، ويصطدم بمحاذير عديدة، إلا أنه أمر ضروري للوصول إلى النتائج المرجوة".
غريب
وألقى ممثل المؤسسة في لبنان أنطوان غريب كلمة عن "أهمية النشاط على صعيد مناهج البحث والموضوعات، وتكمن دائما الاهمية في آلية التطبيق".
عبيد
وشددت منسقة الورشة الدكتورة نور عبيد في كلمة على "استمرارية الجهود من عقد ورش عمل متتالية من اجل نشر ثقافة المواطنة واحترام سيادة القانون والعمل المؤسساتي في كل قطاعات الدولة".
ورسمت معالم ورشة العمل في ست جلسات قدمها عدد من الباحثين خلصوا إلى أهداف وتوصيات أهمها تفعيل دور الجامعة بكل مكوناته في النهضة، المواطنية لما لها من أهمية ودور وتأثير على عنصر الشباب في قيادة التغيير، المعوقات التي تحول دون قيام الجامعة بإتمام دورها على مستوى المواطن، التثقيف وتفعيل دور الشباب ليقوم بدوره في المجتمع، لتحويل المعرفة المواطنية إلى سلوك قيادي ورائد في الفضاء العمومي".
بتوقيت بيروت